من أوروبا.. الانتفاضة الفلسطينية حاضرةٌ ومناصروها في تمدّد
تقرير: هبة الجنداوي
شبكة العودة الإخبارية
يدرك فلسطينيو أوروبا أهمية الدور الذي يقع على عاتقهم فيما يتعلّق بإبراز عدالة القضية الفلسطينية وفضح انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى والمقدسات والشعب الفلسطينيّ في الأراضي المحتلّة كافة. كما يدركون جيداً أهمية كسب تعاطف وسائل الإعلام الأوروبية التي تحاول بعضها إغفال الصورة الحقيقية للانتفاضة الشعبية في القدس والضفة الغربية.
والمظاهرات والحراكات السياسية والشعبية التي شهدتها العواصم الأوروبية من برلين إلى ستوكهولم ولندن وكوبنهاغن وميونخ وباريس وسيدني وميلانو وجنيف، نصرةً لانتفاضة القدس الثائرة على همجية الاحتلال، تؤكّد حجم التفاف الرأي العام الأوروبي مع الحقوق الفلسطينيّة، ووعيها الذي يتزايد بغضّ النظر عن موقف حكوماتها المصطفّ تحت سقف الدفاع عن السامية.
هذه الحقيقة يؤكّدها زياد العالول عضو الأمانة العامة لمؤتمر فلسطينيي أوروبا، حيث يرى أنّ موقف الشعوب الأوروبية متعاطف بشكلٍ عام «ومتقدم على حكوماته التي ترى الأمور من منظار سياسي بحت» ومصالح مرتبطة بالدول الكبرى.
فالكثير من الأوروبيين يرون أنّ «إسرائيل» دولة احتلال وتمارس جرائم حرب ضد الفلسطينيين وهذا يفسر حالة التضامن الكبيرة التي أصبحت تحظى بها القضية الفلسطينية.
ويشير العالول إلى أنّ «هناك انحياز واضح للرواية الإسرائيلية في الإعلام التقليديّ، لكن جهود فلسطينيي أوروبا من خلال الفعاليات والحراكات الشعبية لإبراز الحقيقة، ومع شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد اختلف الأمر، وصار هناك صوتٌ آخر يعبّر عن الحقيقة ويعطي رواية مختلفة عن الرواية الإسرائيلية التي يحاول الاحتلال ترويجها».
من جهته اعتبر مازن كحيل رئيس مجلس العلاقات الفلسطينية الأوروبية أنّه لم يعد ممكناً تسويق الرواية الصهيونية بسهولة، ولم تعد الدعاية تلك قادرة أن تمارس الدجل وقلب الحقائق في ظلّ الانتفاضة الحالية كما فعلت منذ عقود، خاصّةً أنّ العديد من الفعاليات التضامنية تجتاح القارة الأوروبية نصرةً للقدس وفلسطين.
والحراكات لا تقتصر على الشعبيّ منها فحسب، بل يوجد حراك على مستوى صنّاع القرار الأوروبي، إذ يؤكّد كحيل على أنّ «الحراك على المستوى السياسي جارٍ على قدمٍ وساق، والعمل جارٍ للتحضير لندوة ينظّمها مجلس العلاقات الفلسطينية الأوروبية في البرلمان الأوروبي في 21 تشرين أول (أكتوبر) الجاري لمناقشة ما يجري في فلسطين، مؤكداً أنهم يبذلون جهوداً كبيرة للدفعِ باتجاه دعم الحقوق الفلسطينية».
وفي المظاهرات التي شهدتها العواصم الأوروبية المختلفة كان لافتاً المشاركة الواسعة من الفلسطينيين المقيمين في أوروبا، وأبناء الجاليات العربية، وناشطون أوروبيون، وأبناء المخيمات الفلسطينية المهاجرين حديثاً من سورية ولبنان إلى أوروبا.
وفي هذا السياق يقول برهان ياسين الناشط الفلسطيني في برلين «أنّ الشباب الفلسطينيين المهاجرين من المخيمات القادمين حديثاً إلى ألمانيا كانوا يردّدون الهتافات والصرخات ذاتها التي كانوا يرددونها في المخيم إبّان تعرّض غزة للعدوان، والانتهاكات المستمرة في الأقصى والمقدسات».
هؤلاء الشباب ورغم مرارة الأوضاع التي عانوها في مخيمات اللجوء إلاّ أنهم حملوا قضيتهم الأم معهم إلى الشتات البعيد، ليكونوا سفراء لأرضهم في المهجر الأوروبي.
ويضيف برهان «أكثر الأمور التي بدت لافتة أنّ هؤلاء الشباب كانوا يحاولون شرح ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من جرائم باللغة الألمانية البسيطة للمارة الألمان، وباللغة الإنكليزية للسوّاحالأجانب، إضافةً إلى ارتداء الكوفيّة الفلسطينية دائماً أثناء تجوّلهم في المدينة، حتى أصبحنا لا ندخل قطاراً إلاّ ونرى شباناً فلسطينيين يتزيّنون بها تعبيراً عن وحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات».
ففي ظلّ التخاذل والصمت العربيّ المطبق تجاه ما يحصل في فلسطين باتت المسؤولية أكبر على الفلسطينيين في الشتات، وباتت الحراكات الشعبية الكبيرة التي تشهدها المدن الأوروبية والأميركية ضرورةً لمحاسبة الاحتلال على جرائمٍ أزهقت، في الأسابيع الماضية، أرواح عشرات الشهداء بأبشع الوسائل.