«سيناريو» التوتير والتفجير بين مخيّم الطوارئ ــ عين الحلوة... وطرابلس!

جهود لبنانية - فلسطينية لمنع تكرار «13 نيسان» بزج المخيّمات مجدّداً في حروب عبثية

منذ 9 سنوات   شارك:

تكشّفت التطوّرات التي شهدتها الأيام القليلة الماضية، عن مخطّط كبير كان يُجرى الإعداد لتنفيذه بين مخيّم الطوارئ - شمالي مخيّم عين الحلوة وصيدا والجوار، ومنطقة طرابلس والشمال، لكن العناية الإلهية أفشلت جزءاً كبيراً منه، سواء بنجاح «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي بتوقيف أحد أبرز المطلوبين الشيخ خالد حبلص، ومقتل أحد أبرز المطلوبين أيضاً أسامة أحمد منصور، أو نجاح الحكماء بتجاوز تداعيات فتنة خطف وقتل الشاب مروان عباس عيسى أحد أفراد «سرايا المقاومة» التابعة لـ «حزب الله» في منطقة مخيّم الطوارئ...

لكن الإنجاز بتوقيف حبلص والتطوّر الذي رافقه وأدّى إلى إطلاق أسامة منصور النار باتجاه دورية لـ «شعبة المعلومات» التي ردّت بالمثل ما أسفر عن مقتله – دون أنْ تكون هويّته معروفة خلال تبادل إطلاق النار – جاء بعد اجتماعهما المطوّل الحافل بالخُطّط، والذي لا يمكن فصل ما كانا يخطّطان لتنفيذه عمّا جرى في مخيّم الطوارئ، وإنْ كان الكثيرون لا يربطون بين الحادثتين، لكن مَنْ يتمحّص جيداً في الظروف والمعطيات والتوقيت يكتشف الخيوط الدقيقة جداً للمخطّط ذاته...

ما جرى في الشمال من اجتماع بين حبلص ومنصور، كان مقدّمة لتنفيذ أعمال أمنية تفجيرية على الساحة اللبنانية، بعدما أعطيا الضوء الأخضر لذلك...

لكن ما هو الرابط بين ما جرى في مخيّم الطوارئ في عين الحلوة والشمال؟

سؤال يتبادر باستغراب إلى أذهان البعض؟!

ما جرى في منطقة الشمال كان اجتماعاً أمنياً بين اثنين من أخطر الإرهابيين المطلوبين والمتوارين عن الأنظار منذ أنْ دخل الجيش اللبناني إلى الأسواق الداخلية في طرابلس (23 تشرين الأول 2014)، وفي ذلك الوقت بالذات توارى عن الأنظار أيضاً شادي مجدي المولوي، الذي ذُكِرَ لاحقاً أنّه استطاع الوصول إلى مخيّم عين الحلوة...

انطلاقاً من ذلك، فإنّ الـ «مايسترو» أعطى تعليماته بتنشيط الخلايا الإرهابية والتحرّك، ونظراً إلى أنّ شادي مجدي المولوي «أبو آدم» (مواليد 1987) وأسامة أحمد منصور «أبو عمر» (مواليد 1987) شريكان في العمل الإرهابي لصالح «جبهة النصرة»، والشيخ خالد حبلص (40 عاماً) شريك في الإرهاب لصالح «داعش»، فإنّ التقاء المصالح استوجب تحرّكاً لتنفيذ أعمال إرهابية على الساحة اللبنانية، ولذلك كان التنسيق بين حبلص ومنصور لتنفيذ المخطّط الذي يشترك به معهما المولوي – دون إغفال أنْ يكون هو الموجِّه.

استدراج مروان عيسى

ما جرى من عمل مخطّط استهدف الشاب مروان عباس عيسى (23 عاماً) ليس بعيداً عن هذا الـ «سيناريو»، لأنّ مَنْ أقدم على تنفيذ الاغتيال هو محمد محمود مصطفى المعروف بـ «الشعبي» (مواليد 1973) مع شقيقه هيثم محمود مصطفى «الشعبي» (مواليد 1978)، والأخير هو الذي عمل على إحضار المولوي من طرابلس إلى مخيّم عين الحلوة وتأمين الحماية له في مخيّم الطوارئ.

لهذا، فإنّ المُخطّط الذي بوشر تنفيذه في منطقة صيدا، سبق بأيام ما كان يجري التخطيط له في منطقة الشمال... وإنْ كانت الحكمة أفشلت المخطّط الأول، والعناية الإلهية أفشلت جزءاً من المخطّط الثاني، لكن يبدو أنّ المرحلة المقبلة مُقدِمة على تطوّرات عديدة وملتهبة، كتداعيات لتطوّرات تشهدها الساحة اللبنانية، وأيضاً لتداعيات الأزمة في سوريا.

هذه المعطيات تستوجب أوسع تحرّك وتنسيق بين القوى اللبنانية – اللبنانية، واللبنانية – الفلسطينية، والفلسطينية – الفلسطينية، للحؤول دون إيجاد موطئ قدم لمَنْ يحاول زرع فتنة مذهبية سنية – شيعية، بعد فشل الفتنة المناطقية.

إذ بعد مقتل منصور وتوقيف حبلص، لا شك في أنّ الخلايا العنقودية لهذه المجموعات الإرهابية، إما سيتم تفكيكها، وإما سيتوارى أفراد منها عن الأنظار، لكن قد تنفّذ أعمالاً إرهابية ردّاً على الضربتين القاسيتين بحق الإرهابيين.

بنك أهداف الإرهابيين

وتنطلق الخلايا الإرهابية باستخدام الشباب المندفع، الذين يُغرّر بهم، لتنفيذ المُخطّط الذي تتركّز عناوينه حول:

- تغذية النعرات الطائفية، بأنّ أهل السُنّة مستضعفون ومستهدفون من خلال إعطاء العديد من الأمثلة والشواهد على ذلك، وهو ما يجد مَنْ يتجاوب مع هذا المنحى بالذات.

- استهداف الجيش اللبناني، على اعتبار أنّه يستهدف مناطق بعينها دون أخرى، وصولاً إلى دعوات الانشقاق عن المؤسّسة العسكرية، والتي كان الشيخ حبلص أحد أبرز الذين وجّهوا الدعوة إلى الضبّاط والعسكريين للانشقاق عن الجيش اللبناني، لما تشكّله المؤسّسة العسكرية من حصنٍ أخير تنصهر فيه مختلف مكوّنات المجتمع اللبناني، التي تم صقلها في بوتقة واحدة، تؤكد العقيدة الوطنية الراسخة التي أرساها قائد الجيش العماد جان قهوجي، وهو ما أفشل مشاريع محاولات الانشقاق عن الجيش، الذي يُعتبر الحضن والسند الأساسي لمختلف الأجهزة الأمنية.

- التركيز على «حزب الله» وبيئته الحاضنة باستهدافها من خلال تفجير سيارات مفخّخة، أو انتحاريين، أو أعمال أمنية، لإيجاد أرضية تقوم بفعل أو ردّات فعل على ما يقوم به الانتحاريون، وهو ما جرى في بعض المناطق، ومنها منطقة البيسارية - قضاء صيدا، لولا نجاح العقلاء بتوضيح الصورة وحصرها في الإطار الشخصي للانتحاري نضال هشام المغير، دون أنْ تتأثّر عائلته أو المحيط بها، ما أفشل ما كان يسعى إلى تحقيقه المخطّطون.

انطلاقاً من ذلك، فإنّ التركيز على هذه العناوين يستحوذ على اهتمام الكثيرين ممَّنْ يغرّر بهم لتحقيق مبتغى وأهداف المُخطّطين بإيقاع فتنة سنية - شيعية، وأنْ يكون الفلسطيني عاملاً أساسياً في ذلك، لما يعني إدخاله إلى أتون التجاذبات الداخلية اللبنانية، من سرعة انتشار النار في الهشيم.

ولا يعني نجاح القوى الأمنية أو إفشال عملية أمنية انتهاء المخطّط، بل إنّ رد الخلايا الإرهابية على توجيه ضربة إليها، قد يكون قيامها بعمليات بشكل سريع ردّاً على الإنجازات الأمنية، تغطيةً على ما حدث، أو في محاولة إعادة استقطاب مَنْ يبدأ بالتفكير بالمصير المشابه لأفراد هذه الخلايا، وهو ما يُنذِر بواقع صعب قد تشهده الأيام المقبلة، خاصة أنّ ما جرى في طرابلس وفي مخيّم الطوارئ، يسبق الأحاديث عن أنّ المعركة المقبلة بين الجيش اللبناني من جهة والمجموعات الإرهابية من «داعش» والنصرة» من جهة أخرى في جرود عرسال، ستشهد معارك قوية في الأيام المقبلة.

«المعلومات»... نجاح مضطرد

في العودة إلى ما جرى في طرابلس، فإنّ نجاح «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي بتوقيف الشيخ خالد حبلص شكّل ضربة قوية له وللخلايا التي يُديرها، خاصة أنّ حبلص كان موضع تعقّب من قِبل «شعبة المعلومات»، ولدى توقيفه عند الساعة 22:25 من ليل الخميس 9 نيسان 2015 في محلة باب الرمل في مدينة طرابلس أثناء تواجده داخل سيارة من نوع كيا بيكانتو كان يقودها أمير الكردي، كانت تعلم «شعبة المعلومات» بأنّ حبلص المرصود، هو داخل هذه السيارة، وإنْ كان شكله مغايراً للصورة المتعارف عليها، حيث كان حليق الذقن ومرتدياً ثياباً عادية، دون ارتداء زي رجل دين، وكان جسمه ممتلأً بعدما عمد إلى زيادة وزنه مع ممارسة رياضة كمال الأجسام.

«داتا» الاتصالات

وتكشف المصادر المطلعة عن أنّ التتبُّع كان من خلال رقم الهاتف الذي يستخدمه حبلص، والوصول إلى رصده تم إما من خلال اتصاله بأحد الأرقام المُتابعة أمنياً، أو من خلال بصمة الصوت، وهو ما جزم لدورية «شعبة المعلومات» بأنّ الشخص الذي بين أيديها هو حبلص، وأنّ الدورية التي راقبت المكان الذي خرج منه حسمت شخصيته الحقيقة على الرغم من إبرازه هوية مزوّرة.

في هذه الأثناء، توقّفت سيارة من نوع أوبل بداخلها شخصان، أقدم أحدهما على إطلاق النار باتجاه الدورية في محاولة لتخليص حبلص، فأُصيب عنصران من «شعبة المعلومات» بجروح طفيفة، قبل أنْ يرد أفراد القوّة بإطلاق النار، ما أدّى إلى مقتل الشخصين، اللذين تبيّن أنّهما أسامة منصور ومرافقه أحمد الناظر، وأنّ منصور هو الذي أطلق النار باتجاه دورية «شعبة المعلومات».

ولدى تفتيش السيارة عُثِرَ بداخلها مع القتيلين هويتين مزوّرتين بإسم الفلسطيني خالد الجنادي واللبناني هيثم الخطيب، وتبيّن أنّ بحوزة منصور حزاماً ناسفاً، وهذا لا يُشير إلى أنّه كان ينوي استخدامه شخصياً في عمل أمني لأنّه قبل هذا الاجتماع كان في منزله، ودرجة العادة أنّ العديد من المطلوبين - بمستوى منصور - يكون بحوزتهم حزام ناسف للتفجير عند الضرورة، وهو لم يكن يهدف إلى التفجيرة حتى لا يؤدي ذلك إلى مقتله مع مرافقه وحبلص، بل إنّه كان يسعى إلى تخليص حبلص.

في ضوء هذا الاجتماع الهام بين حبلص ومنصور، لا شك في أنّ مخطّطاً ما كان يُجرى الإعداد لتنفيذه، ومن دون شك فإنّ الوجهة كانت توتيرية وتفجيرية، وفي الطليعة منها الجيش اللبناني، حيث دأب حبلص ومنصور والمولوي على استهداف الجيش، عبر القيام بالعديد من الأعمال الإرهابية ضد وحداته.

حبلص والدعو لإعلان ثورة سنية

وفي العودة إلى مسيرة حبلص ومنصور، فإنّ حبلص ركّز تصويبه على الجيش اللبناني، وخاصة خلال شهر تشرين الأول 2014 من خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في «مسجد هارون» - بحنين، بالقول: «إنّ الخطة الأمنية وُضِعَتْ لاعتقال الشباب المسلم المؤمن والملتزم والمؤيّد للثورة السنية»، داعياً إلى إعلان الثورة السنية، وأهل السُنّة إلى الانشقاق عن الجيش اللبناني.

وهو كان يقصد بذلك الخطة الأمنية التي نفّذها الجيش في منطقة الشمال (27 تشرين الأول 2014) وأدّت إلى توقيف العديد من أمراء المحاور، وفرار شادي المولوي وتواري أسامة منصور عن الأنظار.

وحبلص كان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإمام «مسجد بلال بن رباح» سابقاً الفار الشيخ أحمد هلال الأسير (مواليد 1968)، الذي كان التنسيق بينهما على أعلى المستويات من خلال المواقف السياسية، والتأمين الدعم المالي من الأسير لحبلص.

وقد غرّد الأسير على حسابه على الـ «تويتر» بعد توقيف حبلص «من إنجازات حوار «حزب اللات» مع الصحوات: إعدام المجاهد أسامة منصور ورفيقه ميدانياً، واعتقال الشيخ المجاهد خالد حبلص، ألم يأنِ لأهل السُنّة أنْ يستيقظوا..؟؟

وحبلص هو مَنْ قادة هجوماً على الجيش اللبناني في منطقة المحمّرة – المنية، التي تعرّضت دورية لها لكمين مسلّح من قِبل مجموعة إرهابية (تشرين الأول 2014) فاشتبكت معها، ما أدّى إلى استشهاد الملازم أول فارس محمود الحكيم (مواليد 1988) كما استشهاد جندي وجرح 4 عسكريين، فيما أُصيب عدد من أفراد المجموعة الإرهابية المهاجمة، ومنذ ذلك الحين أصبح حبلص أحد أبرز المطلوبين بالاعتداء على الجيش، وكان المخطِّط لخطف مجموعة من عناصر الجيش اللبناني في منطقة بحنين.

أما منصور، الذي كانت تردّدت معلومات سابقاً عن أنّه انتقل إلى مخيّم الطوارئ، الذي لجأ إليه صديقه وحليفه شادي المولوي، تبيّن أنّه كان متوارياً في منطقة الشمال، وأنّه ظهر قبل مقتله بأيام في منطقة سيطرته، باب التبانة.

وكان قد سبق هذا الإنجاز الأمني، إنجاز أمني آخر من خلال توجيه الجيش اللبناني ضربة قاصمة إلى أحد أبرز قادة الخلايا الإرهابية أحمد سليم ميقاتي (مواليد 1968) أثناء تواجده في منطقة عاصون في منطقة الشمال، والذي يُعتبر رأس الحربة وأبرز المحرّكين للخلايا والمجموعات الإرهابية في منطقة الشمال، ويكاد يُشكّل نقطة تواصل بين الخلايا المؤيِّدة لـ «داعش» أو «النصرة»، وبعد توقيفه (23 تشرين الأول 2014) استطاع شادي المولوي التواري، حيث تردّد أنّه وصل إلى منطقة الطوارئ في مخيّم عين الحلوة.

ما الرابط بين هذه المجموعات والخلايا؟

ميقاتي ليس جديداً على «كار» العمل الإرهابي المسلّح، وهو كان ضمن «مجموعة الضنية « خلال الاشتباكات التي وقعت بتاريخ 31 كانون الأول 1999 واستشهد فيها 11 ضابطاً وعسكرياً من الجيش اللبناني و5 مدنيين، وقتل 15 مسلّحاً، وكانت بإمرة بسام الكنج «أبو عائشة» الذي قاتل مع الثوّار الأفغان ضد الجيش الروسي.

واستطاع ميقاتي مع مجموعة من 8 أفراد المجموعة الوصول إلى مخيّم الطوارئ في عين الحلوة، وانخرط في مجموعات أصولية حملت إسم «مجموعة الضنية»، ثم تفرع عنها منتسبون إلى «عصبة النور»، «جند الشام»، «فتح الإسلام» وصولاً إلى «القاعدة».

وبعد الاشتباكات العديدة بين «مجموعة الضنية» وحركة «فتح» وأبرزها ما جرى (13 آب 2002)، تم التوافق بين حركة «فتح» و«عصبة الأنصار الإسلامية» على إنهاء «مجموعة الضنية» سواء بمغادرة أفرادها منطقة تعمير عين الحلوة أو الالتزام تحت سيطرة «عصبة الأنصار».

وميقاتي كان قد غادر المنطقة إلى أنْ تم توقيفه (17 أيلول 2004) في محلة قصقص – حرج الصنوبر في بيروت، حيث عُثِرَ بحوزته على إخراجَيْ قيد مزوّرين أحدهما بإسم (بديع المصري) وآخر بإسم (جان فتوش).

وبعد صدور قانون العفو العام عن سمير جعجع وموقوفي الضنية ومجدل عنجر (27 كانون الثاني 2005)، استفاد ميقاتي من ذلك، لكنّه بقي موقوفاً في «سجن رومية» جرّاء أحكام صادرة بحقه بجرائم إرهابية أخرى، ومنها تفجير «مطاعم ماكدونالدز» في العام 2003، والتخطيط للقيام بعمليات إرهابية، إلى أنْ جرى الإفراج عنه، حيث عاد إلى التواصل مع خلايا إرهابية، التي وطّدها خلال تواجده في «سجن رومية» الذي يُعتبر «غرفة عمليات» الإرهاب في لبنان.

وميقاتي خلال تواجده في منطقة الطوارئ تعرّف على شهاب خضر قدور «أبو هريرة» (مواليد 1971)، والذي عُرِفَ لاحقاً كأحد أبرز قادة «فتح الإسلام»، وهو مَنْ قاد هجوم الاعتداء على العسكريين من الجيش اللبناني، والذي كان الشرارة للاعتداء على الجيش واندلاع أحداث نهر البارد (20 أيار 2007)، قبل أنْ يقُتَلَ (1 آب 2007) في شارع المئتين في طرابلس.

و«أبو هريرة» كان قد تزوّج خلال وجوده في منطقة مخيّم الطوارئ من شقيقة محمد وهيثم الشعبي، لذلك فإنّ العلاقة ما بين ميقاتي والمولوي ومنصور و»الشعبي» تمر في إحدى قنواتها عبر «فتح الإسلام».

ووفقاً لاعترافات عدد من الموقوفين، وخاصة الموقوف فريد عون حمد (مواليد 1987)، فانه هو الذي قام بنقل المولوي من منطقة باب التبانة في طرابلس (7 تشرين الثاني 2014) إلى مخيّم عين الحلوة بناءً لطلب فادي عدنان زيدان (مواليد 1983) وهو شقيق زوجته كفاح (22 عاماً)، والذي طلب من فريد التوجّه إلى منطقة طرابلس ونقل شاب، حيث نفّذ ذلك ورافقه في سيارته زوجته كفاح وأولاده وحماته ناديا، وهي والدة فادي وشقيقة هيثم الشعبي، حيث نفّذ فادي ذلك بناءً لطلب خاله هيثم الشعبي.

وبذلك لا يمكن إغفال أنْ تكون جريمة استدراج وتنكيل وقتل الشاب مروان عيسى بعيدةً عن المخطّط الذي كان يُعد لتنفيذه في منطقة صيدا وطرابلس.

وهنا تُطرح تساؤلات لماذا توقيت استدراج وتصفية عيسى بهذا الشكل الوحشي؟

الشاب مروان عيسى اعتاد التردّد على مخيّمَيْ عين الحلوة والمية ومية وهو المولود في منطقة صيدا، بعدما نزح أهله عن مسقط رأسهم بلدة عيترون، إثر الاجتياح الإسرائيلي لجنوبي لبنان في آذار 1978 (وهو إبن شقيق القيادي في «التنظيم الشعبي الناصري» ناصيف عيسى «أبو جمال» الذي تربطه علاقات بمختلف القوى الفلسطينية لدوره النضالي)، ومروان كان معروف بأنّه عنصر في «سرايا المقاومة» التابعة لـ «حزب الله» لكن بقي يتردّد على المخيّم.

وثبت في التحقيقات أنّ خالد كعوش وربيع سرحال كانت مهمتّهما استدراج مروان إلى المخيّم، قبل إيصاله إلى محمد الشعبي، الذي أقدم على تنفيذ جريمته بمساعدة آخرين.

أما عن التوقيت، فإنّ الصور التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى أن مروان قاتل مع «حزب الله» في سوريا، وهذا ليس جديداً، بل إنّ استهداف مروان يعني تحريكاً لملف ملتهب، يهدف إلى توتير الأجواء في منطقة مخيّم الطوارئ الملاصقة لتعمير عين الحلوة، حيث يتواجد عناصر «سرايا المقاومة»، ولا يفصل بين وجود مجموعات «فتح الإسلام» و»جند الشام» في مخيّم الطوارئ و»سرايا المقاومة» في منطقة تعمير عين الحلوة، إلا شارع ينتشر عند طرفيه الجيش اللبناني.

هذه الجريمة وفق المعطيات المتوافرة كانت تهدف إلى النفخ في بوق الفتنة السنية - الشيعية، ومحاولة إدخال مخيّم عين الحلوة إلى أتون نفق لا يُعرف إلى أين يصل!

واستطاعت الجهود اللبنانية - الفلسطينية وأد المخطّط في مهده، من خلال تسليم اثنين من المشتبه بهما، ولكن درءاً للفتنة، يجب اتخاذ سلسلة من الخطوات، خاصة أنّ توقيت هذه الجريمة ليس بريئاً، وقد يتكرّر مثلها تحت ذريعة أنّ هذا الشخص ينتمي إلى «سرايا المقاومة» أو أي من المصطلحات والمسميات التي يطلقها مَنْ يقترف مثل هذه الجرائم، وهو ما بات مُلحّاً ضرورة محاكمة كل مَنْ تسوّل له نفسه اقتراف مثل هذه الجرائم، فمَنْ أجاز لأيٍّ كان القتل وإصدار الفتاوى العبثية!

ومنعاً لتكرار مثل هذه الجريمة، ولأنّ لا وسائل التهديد ولا الوعيد أعطت ثماراً في تجارب سابقة، ولا وسائل الضغط تعطي ثمارها، بل تؤدي إلى الانفجار، وتجد مَنْ يعمل على استغلال ذلك والاستفادة من الأمر، والنفخ في بوق الفتنة، فيجب تحكيم العقل لمواجهة مخطّطات المتآمرين.

المطلوب فلسطينياً ولبنانياً

ومطلوب العمل على صعد عدّة فلسطينياً ولبنانياً:

 فلسطينياً:

- المسارعة إلى تعزيز «القوّة الأمنية الفلسطينية المشتركة» ورفدها عتاداً وعتيداً، وتثبيت حواجز عند المداخل الرئيسية للمخيّم - أي بعد حواجز الجيش اللبناني لجهة المخيّم، وإقامة حواجز أخرى داخل المخيّم.

- تعزيز تواجد القوّة الأمنية» عند المدخل الشمالي التحتاني للمخيّم، وتوسيع مهام النقطة المتواجدة عليه، منعاً لاستغلال بعض المطلوبين أو الإرهابيين للأزقة يلوذون من خلالها إلى تنفيذ مآربهم ومخطّطاتهم.

- الضرب بيد من حديد على كل مَنْ تسوّل له نفسه محاولة المس بالأمن.

- رفع الغطاء السياسي عن أي مخل بالأمن، والمسارعة إلى استكمال كافة ملفات التحقيق وتسليمها إلى الجهات القضائية والأمنية اللبنانية، لأنّ المخيّمات جزء من الأراضي اللبنانية.

لبنانياً:

- مطلوب من الدولة اللبنانية الإسراع بحل الملفات العالقة، سواء لمَنْ صدرت بحقهم أحكام واهية، جرّاء تقارير ووشايات من «مخبرين» مغرضين، أو لانتماءات سياسية، تحت عناوين «عصابات مسلّحة»، علماً بأنّ مسؤولي هذه القوى يلتقون بشكل دائم بالمسؤولين الرسمين والأمنيين اللبنانيين.

- الإسراع بتطمين الفلسطيني المقيم بأنّ أي قوانين تصدر لا تستهدفه، فما يجري الحديث عنه من قانون السير، يشكّل معضلة جديدة تُضاف إلى المعاناة التي يئن تحت وطأتها الفلسطيني، خاصة في ظل حرمانه من الحقوق الاجتماعية والمعيشية والمدنية وحق التملك، حيث أصبح مُلحّاً إيجاد الحلول لها، لأنّ ذلك يُفشِل محاولات التوطين أو التهجير في المنافي للفلسطينيين، ويؤكد تمسكهم بحق العودة إلى وطنهم وفقاُ للقرار الدولي 194.

المطلوب من «حزب الله»

ومطلوب من «حزب الله» الحسم لجهة وضوح الرؤية بالتعامل مع الفصائل والقوى الفلسطينية والفلسطينيين بشكل عام، وذلك من خلال:

- التأكيد علانية على ما كان الحزب قد أبلغ به قيادات فلسطينية بأنّه «لا وجود لـ «سرايا المقاومة» في المخيّمات»، لأنّ بإمكان الحزب التعاطي مع الملف الفلسطيني بشمولية، وليس اقتصار الأمر على أشخاص قد يجد البعض ذريعة لاستهدافهم تحت عناوين مراقبة وتزويد الحزب بتقارير عن أشخاص ومجموعات داخل المخيّمات.

- مواصلة العمل على تعزيز العلاقات مع القوى الفلسطينية بشراكة، وليس استخدام الورقة الفلسطينية، التي تؤثّر كثيراً على هذه العلاقات، نظراً إلى إمكانية استفادة البعض من هذا الجانب.

- قيام الحزب بالتعاون مع حلفائه بإراحة الجانب الفلسطيني، وذلك عبر الإسراع في إقرار الحقوق المدنية والاجتماعية للفلسطينيين وحق التملّك، من خلال إقراره وإصدار قانون في مجلس النوّاب، وبإمكان الحزب إقناع حلفائه وخاصة «تكتّل الإصلاح والتغيير» ويمكن عندها أنْ يُسجّل ذلك في خانته الإيجابية.

لذلك، فإنّ استمرار التنسيق واللقاءات بين القوى اللبنانية والفلسطينية يُريح الأجواء، خاصة أنّنا نعيش أجواء الذكرى الأربعين لـ 13 نيسان شرارة اندلاع الحرب العبثية في لبنان وعليه، والتي أُدخِل إليها الفلسطيني حتى تحقّق المآرب التي خطّط لها المتآمرون، وجرى تنفيذ تلك الجريمة قبل 40 عاماً، فلا شك في أنّ المتآمرين يواصلون التخطيط لمثلها، وزج الفلسطيني بها، نظراً لاعتبارات عديدة.

المصدر: اللواء



السابق

100 ألف فلسطيني ينتظرون الإعمار في غزة

التالي

«ثانوية الأقصى».. بيئة حاضنة للتعلم والإبداع رغم قيود الاحتلال


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون