صلاح الدين الكردي: سيفُ المجدِ في وجهِ خيانةِ العرب

منذ 9 أشهر   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

في ليلةٍ سوداء، كأنها كفنُ أمّةٍ ميتة، سالت دماءُ المسلمين في بيت المقدس كما تسيلُ الدموعُ على خدِّ ثكلى فقدت أبناءها في ساحات الغدر.

سبعون ألف شهيدٍ سقطوا بين الأزقّةِ الضيّقة، بينما كانت العواصمُ الإسلاميّةُ صامتةً صمت القبور، لم يعلُ فيها صوتُ نخوةٍ، ولم تهتزَّ فيها رايةُ كرامةٍ.

دمشق، التي كانت يوماً منارة النصر، نامت على وسادة الذلِّ، وبغداد، التي صالت وجالت في الميادين، كبّلتها سلاسلُ الخيانة، والقاهرة، التي كانت درع الإسلام، وقفت تتفرّج كأنها بلا روح. أمّا المدينة التي شهدت مولد أعظم قائدٍ عرفته البشرية، فبكت بصمتٍ على أمّةٍ أضاعت وصيّتهُ وتنكّرت لعهدها.

ولمّا كانت الأرضُ تستصرخُ ولا مجيب، والشوارعُ تمتلئُ بجثث الأبرياء كأنها أزهارٌ ذابلةٌ في بستانِ الموت، كان الفرنجةُ، في جوعهم، يأكلون الجيف، ومع ذلك تقدّموا وسلبوا قدسنا. ولو أن جيشاً من النساء تصدّى لهم، لكانت النتيجةُ أعظم، ولكن أين الرجال؟ أين السيوفُ التي كان يجبُ أن تُستلَّ نصرةً للأقصى؟

في لحظةٍ ظنَّ فيها التاريخُ أنَّ الشرفَ قد اندثر، جاء صلاح الدين الكرديّ، لا باسم قوميةٍ، ولكن باسم الإسلام.

جاء كالسيف يشقُّ ظلام الذلِّ، وكالمطر يغسلُ عارَ الخيانة.

كان كالمحرابِ الذي سجدت فيه العزّةُ، وكالمنارة التي أضاءت الكرامة. بيده سيفٌ يسألُ: "أينَ كنتم حين سقطت القدس؟" وبعينه لهبُ الغضب على أمّةٍ نامت حين كان يجبُ أن تستيقظَ.

صلاح الدين الكرديّ لم يحرّرِ الأقصى فحسب، بل غسلَ وجهَ التاريخِ من قذارةِ الخيانة، وأعادَ للرايةِ الإسلاميّةِ لونها الزاهي بعدَ أن كادتِ العروبةُ تطمسهُ بالخنوعِ. حملَ مجدَ الإسلامِ على كتفيهِ كما يحملُ الفجرُ نورَهُ، وصاحَ في الأفقِ: "أيها العربُ، لقد خنتم قدسكم فتركتموها فريسةً، فجئتُ لأردَّ لها العزَّ الضائع، وأطهّرها من رجسِ الخيانة!"

فيا لعارِ أمّةٍ بكت عندما ذُبحَ سبعونَ ألفاً من أبنائها، ولكنَّها لم تُحرّك جفناً عندما كان الأقصى يُستباح! ويا لخزيِ رجالٍ كانت سيوفُهم تصدأُ على الجدرانِ، بينما أيديُ الأعداءِ تسرقُ منهم قلبهم النابض!

التاريخُ لا يرحم، وهو كالسيف، إمّا أن يسطع بالحقِّ، وإمّا أن يقطر بالعارِ. وقد كُتبت صفحتُهُ عن القدس بالحبر الأسود الذي سكبهُ العربُ بخيانتهم، ثمَّ مُسِحَ بدماءِ الشهداءِ حين جاء صلاح الدين الكرديّ يحملُ رايةَ المجدِ، ويكتبُ السطر الأخير: "هنا انتصر الإسلامُ، وهنا سقطَ الخونةُ!"


مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

ترابُ فلسطين لا يحتضنُ الخونة!

"حين تخون الوطن، لن تجد تراباً يحنّ عليك يوم موتك؛ ستشعر بالبرد حتى وأنت ميت." غسان كنفاني. في فلسطين، لا تُقال هذه الجملة ع… تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون