الممرض الفلسطيني في لبنان عاد إلى دائرة الحرمان من العمل
ياسر علي
إعلامي وشاعر فلسطينييعيش الفلسطينيون في لبنان تحت قيود عنصرية تمنع حقهم في العمل. رغم قرب بعضهم من المجتمع اللبناني وتتابع الأجيال التي تربّت في لبنان، إلا أن القوانين اللبنانية حظرت على اللاجئين الفلسطينيين العمل في عشرات المهن وصل عددها إلى حوالي 70 مهنة تشمل الطب والهندسة والمحاماة والصحافة، وغيرها.. هذا الحظر أجبر غالبية اللاجئين الفلسطينيين على العمل في وظائف أجرة متدنية، غير مستقرة، ومن دون ضمان اجتماعي أو حقوق عمل أساسية. بل زاد أحياناً إذا تسجّل في الضمان فإنه يدفع من راتبه ولا يحصل على ما يدفعه عندما يحتاجه.
مهنة التمريض — حالة استثناء مؤقتة
منذ سنوات أعيد فتح باب مهنة التمريض جزئياً أمام الفلسطينيين، وذلك بطلب من نقابة التمريض اللبنانية. وأصبح بإمكان الممرض الفلسطيني أن يحصل بصعوبة على إذن مزاولة مهنة من وزارة العمل ووزارة الصحة، قابلة للتجديد حسب الشروط، رغم أنه لا ينتمي إلى نقابة الممرضين اللبنانية. وذلك ساهم في تسجيل العديد المئات من الطلاب الفلسطينيين في تخصص التمريض، وأتاح لهم فرصة العمل في المستشفيات اللبنانية.
ومن المعروف أن العالم كله كان يعاني من نقص في عدد الممرضين، وكان لبنان أحد هذه الدول، وزاد الأمر تفاقماً في جائحة كورونا التي أظهرت الحاجة إلى عدد كبير من الممرضين حول العالم. الأمر الذي دفع الممرضين إلى الهجرة إلى أوروبا والخليج للعمل هناك.
وكن رغم هذا الاستثناء، ظل الممرض الفلسطيني محروماً من ضمان صحي حقيقي، ومن الكثير من حقوق التوظيف والاستقرار، كما أن انتماءه إلى نقابة التمريض كان شبه مستحيل.
قرار جديد بالمنع
وفي تطور خطير، أصدَر مجلس الوزراء اللبناني بتاريخ 9 أيلول/ سبتمبر 2025 قراراً فعلياً منع بموجبه خريجي التمريض الفلسطينيين من الحصول على شهادة مزاولة المهنة في حال «تقدّم أي لبناني للوظيفة»، بغضّ النظر عن كفاءة الفلسطيني أو تفوّقه العلمي.
هذا القرار قضى عملياً على فرصة التنافس وفق الكفاءة لعدد كبير من خريجي التمريض الفلسطينيين. علماً أن عدد الممرضين الفلسطينيين في لبنان بات يشكل شريحة واسعة استطاعت أن تسد العجز القائم في الدولة اللبنانية. ومن المعلوم أن المؤسسات الصحية بحاجة للممرض الفلسطيني بشدة، ولو تم المنع الشامل لعمل الممرض الفلسطيني في لبنان، لدخل القطاع الصحي اللبناني في أزمة غير مسبوقة.
ختاماً.. إن ما حصل مؤخراً من منع رسمي لخريجي التمريض الفلسطينيين من مزاولة مهنتهم، يُمثّل نقلة إلى الأسوأ في سياسة العمل تجاه الفلسطينيين في لبنان. في وقت يعاني لبنان من أزمة إنسانية وصحية، تُضيع كفاءات فلسطينية مؤهلة، لمجرد أنهم لا يحملون الجنسية اللبنانية. هذا القرار ليس فقط انتهاكاً لحقوق العمل والكرامة، بل أيضاً تهديد للسلم الأهلي والعدالة الاجتماعية. ولا يدل إلا على عقلية عنصرية لدى فريق لبنان، ويفعلون هذا في سبيل الحصول على أصوات انتخابية في مجتمع تتفشى فيه العنصرية تجاه اللاجئ الفلسطيني.



أضف تعليق
قواعد المشاركة