ٱلأَسدُ لا يُفاوِضُ على قُوتهِ

منذ 8 أشهر   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

 

قالها صلاح خلف(أبو إياد)، ومضى شهيداً:

"من هو الحمار الذي يُسلّم قوته، ويذهب ليفاوض عدوه؟"

لم تكن كلمات غضبٍ عابر، بل صرخة وعيٍ وشرف، صرخة من يعرف أن الأرض لا تُعطى، وأن البنادق لا تُنسى، حتى لو طال ليل النكبة وتوالت الخيبات.

هذا الشعب الفلسطيني، المجبول من تراب المجازر، لا يزال واقفاً، لا يزال يتنفس من رئة الحجر، ويقاتل من قلب الحصار.

شعبٌ جائع، لكنه لا يركع.

محاصر، لكنه لا يساوم.

يعيش في الخيام، وتحت الركام، لكنه لا يتنازل عن قوته، ولا عن كرامته.

أطفالُنا يولدون على صوت الغارات، ويكبرون وهم يدفنون إخوتهم.

نساءُنا يُربّين الشهداء لا الأبناء.

وشيوخُنا، الذين فقدوا كل شيء، لا يزالون يرفعون أصابعهم في وجه الاحتلال، يقولون: لن ننسى، ولن نسامح.

وغزة، يا الله، غزة...

غزة التي لم تترك للغة مفرداتٍ كافية لتصف جراحها،

غزة التي تحوّلت إلى مقبرة مفتوحة، وكتاب من نار، وأسطورة من لحم ودم.

لم يبقَ فيها شيء لم يُقصَف، ولم يُحرَق، ولم يُدفَن حياً، لكنها رغم كل شيء، ما زالت ترفع رأسها، ما زالت تصرخ في وجه العالم الأعمى:

"لن أُسلّم قوتي، ولن أقبل بالذل، وإن متُّ واقفاً."

أليس في غزة الآن من يزرع الزعتر بين الأنقاض؟

من يُرضع طفله تحت جناح طائرة؟

من يحتضن جثة أخيه، ويقول: "الموت لنا عادة... لكن الهزيمة لا!"؟

غزة ليست مجرد جغرافيا محاصرة، بل روح مقاومة خالدة،

مدرسةٌ من نارٍ، لا تُخرِجُ إِلَّا الأُسُودَ.

ما أكثر الذين طلبوا منا أن نُسقط قوتنا، أن نُصافح اليد الملطّخة بدمنا، أن نكون حميراً في حظيرة التطبيع، لكن هذا الشعب، بوعيه العميق، يعرف جيداً أن لا مفاوضات تحت القصف، ولا سلام في ظل الاحتلال، ولا حرية في غياب القوة.

شعبنا الفلسطيني، كما قال صلاح خلف، أسدٌ... والأسد لا يقوده حمار.

ولذلك، لا نخون، لا نبيع، لا نستسلم.

نبكي، نعم، فالدم كثير، والخسارات موجعة، لكننا لا ننكسر.

في كل شهيد يولد ألف مقاوم، وفي كل أنقاض بيت تُزرع بذرة انتقام لا تموت.

نم قرير العين يا أبا إياد،

فشعبك لا يزال يرفض أن يكون عبداً... أو حماراً.

شعبك لا يزال واقفاً... بصبر الجبال، وبشجاعة من لا يهاب النهاية.

[محمود كلَّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنينِ السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماءِ والهُويَّةِ الفلسطينيَّةِ. يرى في الكلمةِ امتداداً للصَّوتِ الحُرِّ، وفي المقالِ ساحةً من ساحاتِ النِّضالِ.

 

 



أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

ترابُ فلسطين لا يحتضنُ الخونة!

"حين تخون الوطن، لن تجد تراباً يحنّ عليك يوم موتك؛ ستشعر بالبرد حتى وأنت ميت." غسان كنفاني. في فلسطين، لا تُقال هذه الجملة ع… تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون