أزمة البديل عند الفلسطينيين

منذ 12 سنة   شارك:

ماجد كيالي

كاتب سياسي فلسطيني

 ثمة مفارقة في وضع الفلسطينيين، ففي حين كانوا، من الخمسينيات إلى السبعينات، بمثابة عامل تحريك وتحريض في مجمل الحراكات السياسية التي حدثت في بلدان المشرق العربي، إذا بهم اليوم غير قادرين على إحداث تغيير سياسي في أوضاعهم، التي لم تشهد تغييراً منذ عقود، رغم إخفاق الخيارات التي تم اعتمادها من المقاومة الى التسوية، ومن الانتفاضة الى المفاوضة، ومن بناء المنظمة والفصائل إلى إقامة السلطة.

أما من جهة حركتهم الوطنية فهذه إما تآكلت أو تحولت سلطة، بعد تراجع دورها في مواجهة عدوها، وبعد أن انحسرت مكانتها التمثيلية في مجتمعها، وبعد أن فقدت القدرة على تجديد خطاباتها وبناها وأشكال عملها. والأنكى أن هذه الحركة باتت تفتقد للمشروع الوطني الجامع، الذي يتطابق مع قضية فلسطين وخريطتها الجغرافية والبشرية، بعد تحولها مشروعاً يقتصر على إقامة كيان سياسي لجزء من الشعب على جزء من الأرض.

هكذا فإن مشكلة الفلسطينيين لا تكمن في مشروعية البحث عن البديل وإنما في أحوالهم الخاصة والمعقّدة التي تجعل من تولّد البديل المناسب عملية صعبة جداً، وربما مستحيلة، في هذه الظروف، ولاسيما مع غياب حاضنة عربية تسمح بذلك أو تسهّله.

في هذا الإطار قد يمكن الحديث عن عديد من العوامل الموضوعية المعوِّقة، وضمنها تشتّت مجتمع الفلسطينيين، وتعدّد أولوياتهم، وضعف إمكاناتهم، لكن العامل الأساس يكمن في وضعية حركتهم الوطنية التي أضحت بمثابة حجر عثرة أمام أي محاولة للتغيير.

لنلاحظ أن هذه الحركة تتمتّع بوضع استثنائي، أو خاص، فهي مستقلة عن شعبها من الناحية التمثيلية، وهو لا يستطيع ممارسة أي ضغط عليها، إن بسبب تبعثر أماكن تواجد الفلسطينيين، أو بحكم أنها لا تعتمد في مواردها عليه. ولنلاحظ، أيضاً، أن هذه الحركة تستمد جزءاً كبيراً من شرعيتها، ومن هيمنتها على المجال الفلسطيني من حيازتها على موارد مالية، وقوات عسكرية، وعلاقات إقليمية. ومن وجود طبقة سياسية، في السلطة والمنظمة والفصائل، تشكّل كتلة وازنة في المجتمع.

وفي الواقع فإن هذه الطبقة تتبع دورة اقتصادية تختلف عن الدورة الاقتصادية للمجتمع، وتتبنى مفاهيم سياسية مرتبطة بواقع السلطة بما هي عليه، وضمنه علاقات التنسيق الأمني، ما يجعلها، في الغالب، غير معنية بانتهاج خيارات وطنية بديلة، في مواجهة إسرائيل، كوقف المفاوضات، أو التحول نحو المقاومة الشعبية، لأنها ستتضرّر من جراء ذلك، في مكانتها، وامتيازاتها، ونمط عيشها. أيضاً، فإن مشكلة هذه الطبقة تكمن في حرصها على حراسة واقع التكلّس في الكيانات الفلسطينية (المنظمة والسلطة والفصائل)، وفي سعيها إلى تأبيد مكانة السلطة، ولو بأي ثمن.

المصدر: النهار

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

ترابُ فلسطين لا يحتضنُ الخونة!

"حين تخون الوطن، لن تجد تراباً يحنّ عليك يوم موتك؛ ستشعر بالبرد حتى وأنت ميت." غسان كنفاني. في فلسطين، لا تُقال هذه الجملة ع… تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون