غزة وجائزة نوبل للسلام… من يستحقها حقاً؟
محمود كلّم
كاتب فلسطيني
في محاضرته بجامعة برينستون يوم 21 مارس 2024، قال المفكر الأمريكي نورمان فينكلشتاين، وهو من أكثر الأصوات جرأة في نقد السياسات الاستعمارية:
"لو كان لي أن أمنح جائزة نوبل للسلام، لمنحتها أولاً للأطباء في غزة، وثانياً لوفد جنوب أفريقيا، وثالثاً للحوثيين، لما قدموه نصرةً لغزة."
كلمات فينكلشتاين كانت أكثر من رأي أكاديمي؛ كانت صرخة ضمير عالمي في وجه العجز، وتقديراً للبطولة الإنسانية التي تتجلّى حين يُحاصر الأمل في مدينةٍ اسمها غزة.
لكنني أقول — لو طُلب مني أن أختار لمن تُمنح الجائزة —
فلن أبحث في لجان، ولن أفتش في أسماء السياسيين والمنظّرين،
بل سأمنحها لشعب غزة بأكمله، دون استثناء.
لأنهم، بصبرهم ودموعهم،
أعادوا تعريف معنى السلام؛ السلام الذي لا يُولد من المؤتمرات، بل من الكرامة في وجه الإبادة، السلام الذي لا تُمنحه اللجان، بل يُنتزع من بين الركام.
في غزة الأطباء لا يملكون أدواتهم، لكنهم يصنعون المعجزات.
الأمهات يودّعن أبناءهن وقلوبهن تنبض بإيمان لا ينكسر.
الأطفال يبتسمون بين الأنقاض وكأنهم يعلّمون العالم أن الأمل لا يُقصف.
الرجال والنساء والشيوخ جميعهم يقفون في وجه الموت وكأنهم يقولون:
"لن نغادر الحياة إلا واقفين."
فإن كانت جائزة نوبل للسلام قد خُلقت لتكريم من ينقذون الأرواح،
فمن أحق بها من الذين حافظوا على إنسانيتهم وسط طوفان الدم والدمار؟
من أحق بها من شعب يحيا تحت القصف ويزرع في الليل حلم الغد؟
إن كان العالم منصفاً، فليُكتب في سجل الجائزة يوماً:
"مُنحت هذه الجائزة إلى شعب غزة،
لأنه علّم الإنسانية معنى الصمود،
وأثبت أن السلام لا يتحقق إلا بعد مقاومة الظلم."
محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال
.
أضف تعليق
قواعد المشاركة