غزة... والخزي والعار لمن غاب حين وجب الحضور!

منذ 6 ساعات   شارك:

محمود كلّم

كاتب فلسطيني

في زمنٍ تهاوت فيه الأقنعة، وسقطت الشعارات، وبان وجه الأمة العربية الحقيقي، نقف اليوم أمام مشهدٍ يختصر كلَّ معاني الخذلان والكرامة المهدورة.

غزة احترقت، وبيوتها تهاوت، وأطفالها يودّعون الحياة بدموعٍ لا تجد من يمسحها، بينما مَن كان يُفترض أن يكونوا الإخوة اكتفوا بالمشاهدة، أو تذرّعوا بالعجز، أو — أسوأ من ذلك — تواطأوا بالصمت والخذلان.

في قلب هذه المأساة يسطع نورٌ لا ينطفئ:
الشكر للشعب الفلسطيني أولاً، ولرجال المقاومة الذين أبدعوا في المعارك وفي الميدان.
هؤلاء الرجال كتبوا بدمائهم معنى الرجولة، وعلّموا العالم أن الكرامة لا تُشترى، وأن الأرض لا تُسترد إلا بالتضحية.

الشكر لليمن، ذلك البلد الجريح المحاصر الذي — رغم جراحه — وقف شامخاً وقال كلمته في وجه الطغيان.

والشكر لجبل عامل وأهله، الذين دفعوا الضريبة غاليةً جداً، ولكل أحرار أوروبا والعالم الذين خرجوا إلى الشوارع، لا لأنهم يتحدثون لغتنا، ولا لأنهم يؤمنون بديننا، بل لأنهم ما زالوا يملكون قلباً حيّاً وضميراً لم يمت.
نعم، ربطتنا بهم الإنسانية؛ تلك التي تخلّى عنها كثيرون ممن تجمعنا بهم اللغة والدين والتاريخ.

أما ما تبقّى، فلا يسعني إلا أن أقول:
الخزي والعار لمن غاب حين وجب الحضور، الخزي والعار للشعوب العربية وحكامها، وللشعوب الإسلامية وحكامها.

كيف للتاريخ أن يرحم أمةً نامت على صرخات غزة؟
وكيف سيُكتب في السجلات أن مصر، حكومةً وشعباً، لم تُدخل إلى غزة حتى قنينة ماء، وأن الأردن كذلك صمت وهو يرى المعابر تُغلق والأطفال يُقتلون عطشاً وجوعاً؟

إنها لحظةُ عار لن تُمحى، لحظةٌ سيقف عندها المؤرخون طويلاً ليتساءلوا: أين كانت العروبة؟ أين كان الإسلام؟ أين كان الضمير؟

في المقابل، كان هناك في شوارع لندن وباريس وبرلين وبرشلونة ومدريد وروما ومالمو أحرارٌ يهتفون لفلسطين؛ كانوا يحملون رايتها لا طمعاً في مجدٍ، ولا انتظاراً لجزاءٍ، بل لأنهم — ببساطة — بشر.

إما أن ننهض الآن ثوّاراً لاسترداد كرامتنا بدمائنا وإرادتنا، أو تُحفر أسماؤنا إلى الأبد في سجل الخزي والعار.

محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.

مقالات متعلّقة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزة... عنوان الصمود وضمير الأمة!

غزة ليست مجرد مدينة محاصرة على شريط ضيق من الأرض، بل هي رمز خالد للعزة والكرامة، وصرخة في وجه الطغيان لا تخمدها قنابل ولا يخنقها ح… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير