"من وحي ريشتها"

منذ 10 سنوات   شارك:

محمود أبو الحسنى

مراسل شبكة العودة الإخبارية من قطاع غزة

على ضوء القمر الخجول المتسلل خلسةً من نافذة غرفتها الصغيرة، تقف كل يوم بين لوحاتها ترمم بعضاً من ذاكرة اجدادها المبعثرة هنا وهناك، تعيد من الزمان ذكريات أليمة ،علها تخفف من غربة عاشتها بين ربوع وطنها المسلوب.
لوحات فنية تجسد بعضا من معاناتها وبعضا ًمن حكيا تهجير أجدادها التي لم تعي من ذكراها شيءً، لا تدل إلا على تماهي أرواح من رسموها، تتعجب أن من يقف خلفها هو فتاتٌ لم تتجاوز الثامنة عشر من العمر، خطت بريشتها رسومات عبرة من خلالها عن واقع تجربة مريرة عاشتها كباقي افراد شعبها، تحاول أن تخدم قضيتها ووطنها ولكن بطريقتها الخاصة.
صدفة..
دعاء محمد ياسين فتات احترفت مهنة الرسم وهي لم تبلغ الرابعة عشر عاما من العمر، تكمل اليوم دراستها الجامعية في مجال الرسم الذي أبدعت فيه، الا أن موهبتها لم تأتي بعد دراستها لهذا المجال ولا بعد خوضها لدورات تعليمية في مجال الرسم، بل أنها اكتشفت موهبتها بنفسها، تقول دعاء "أن موهبة الرسم اكتشفتها في نفسي صدفة بعد خوضي لدورة في تعلم فن الرسم على يد أحد المدربين، وهذا هو ما دعاني لتطوير نفسي بنفسي من خلال التعليم الذاتي، ومن خلال متابعتي لشروحات على موقع اليوتيوب لرسامين وفنانين "لم تقتصر متابعة دعاء على رسامين من الدول العربية فحسب، بل تعدت ذلك بمتابعة رسامين من الدول الأجنبية، ولعل هذا كان من أبرز محطات حيات دعاء التي ساهمت في صقل موهبتها وتنميتها، بجانب مساندة والديها وإخوانها في البيت وتشجيعهم لها على اكمال طريقها والمضي فيه .
تجربتي الأولى..
وعن تجربة دعاء الأولى في الرسم والتي لاشك أنها هي من فتحت لها نافذة نحو المستقبل وجعلت منها رسامة مشهودً لها بالفن والأبداع، هي مشاركتها في المعرض الفني الأول "صورة وريشة" عرضت من خلاله ما يقارب الـ ـ27ـ لوحة فنية خطتها يداها، تنوعت مضامينها ما بين لوحات تجسد معاناة اجدادها الذين هجروا من أرضهم قصراً ومآبين لوحات تحاكي واقعها الحالي الذي لا يقل مرارةً عن مرارة معناة أجدادها.
تأتي تجربة دعاء بعد معايشتها لأحداث الحرب الأخيرة على غزة والتي كان لزاماً عليها أن تنقل للعالم شيءً من تفاصيلها وأحداثها القاسية ,فكانت أغلب لوحاتها تعكس أحداث الحرب ومشاهد عالقة في ذاكرتها من بيوت مهدمة وطفولة مشردة.

أحبها
ربما يظن القارئ للوهلة الأولى انها قصة حب روتينية تعيشها فتاة في عمر دعاء، هي بالفعل قصة عشق قد تكون غريبة من نوعها، ولكن ليس كعشق عنتر لعبلة ولا عشق قيس لليلى، هو عشق بين رسام ولوحاته وبين ريشة وألوانها.دعاء التي اعتبرت لوحاتها جزء من روحها بل من جسدها تقول "كنت اقضي أيام وليالي في رسم لوحاتي، حتى أن بعض لوحاتي كانت تستغرق مني أسبوعين أو اكثر، فكيف لا أعتبرها جزءً من جسدي؟؟ هذا عدا عن الانقطاع في الكهرباء الذي كان يباغتني أثناء رسمي ويقطع حبل أفكاري، رغم كل هذا أنا فخورة بإنجازاتي وبأعمالي الفنية".
حال بينهما فكانت من المغرقين
على بوابات معبر وجد ليغلق لا ليفتح، قهرت كما قهر غيرها، وقع عليها ظلم ذوي القربى كما وقع على غيرها، حال المعبر بينها وبين تحقيق احلامها وطموحتها بأن تصبح يوماً رسامة دولية تحاكي برسوماتها معاناة شعبها وتنقل للعالم تفاصيله المجهولة والمغمورة، تقول دعاء "تلقيت الكثير من الدعوات من العديد من الفنانين والرسامين خارج فلسطين ومن العديد من المؤسسات المعنية حتى أشارك في معارض على مستوى دولي، الا أني وللأسف لم يحالفني الحظ في اكمال مشواري وتنمية قدراتي بسبب معبر رفح المغلق في وجه غيري كما هو اليوم مغلق في وجهي".
لم تكن دعاء هي الأولى ولن تكون هي الأخيرة التي يحال بينها وبين اكمال طريقها للنجاح، فغيرها الكثير الكثير، الا أنها لم تدع مجالاً لساعة الظلم أن تخط عليها، بل جعلت منها فرصة الأمل المنشود في تنمية ريشتها وأبداعها.

محمود أبو الحسنى -غزة

خاص : شبكة العوجة الإخبارية

 


 


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

إبراهيم أبو خليل: عاشقُ الوطنِ الذي رَوَى الأرضَ بِدَمِهِ

في مخيم كفربدّا، وُلدَ إبراهيم خالد أبو خليل عام 1967. كان طفلاً مشاكساً، يركضُ بين البيوتِ الطينيّةِ، يطاردُ أحلامه كما يطاردُ ال… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير