فلسطينيو سورية في لبنان.. بين اهمال المرجعيات وغياب الحماية
ترك الصراع في سوريا بصمات على كافة مناحي حياة الفلسطينيين المقيمين فيها، وبقيت لعنة الحرب تقترب الى ان طالت جميع المخيمات، واصبحنا في كل لحظة نسمع نبأ سقوط فلسطيني هنا, وسقوط عدد من الجرحى هناك, بقي الأمر هكذا الى ان لجأ اغلب الفلسطينيين للهروب من مناطق النزاع الى مناطق يشتمون بها رائحة الأمن والاستقرار، ليخرجوا انفسهم من حربٍ داخلية لاعلاقة لهم بها وتحملوا وزرها. فمنهم من خرج الى مناطق آمنة داخل الاراضي السورية ومنهم من حاول اللجوء الى البلدان المجاورة ومنها لبنان.
هنا بدأت الاستفهامات الانسانية تملأ كل ضمير متيقظ..!!
فأغلب الفلسطينيين لجؤوا الى لبنان نظرا لموقعه الجغرافي القريب، وبدايةً لم يكن هناك اي إشكال على دخول وخروج الفلسطينين من الحدود السورية –اللبنانية، لكن بعد مرور عدة أشهر على دخول وخروج الفلسطينيين، منع موظفو المصنع اللبناني دخول الفلسطينيين الى لبنان، وباللغة العامية ""حسب المزاج" .. وبقي الأمر هكذا الى ان صدر قراراً رسمياً من الأمن العام اللبناني بعدم دخول الفلسطيني القادم من سورية، علماً بأن الفلسطينيين لا يشكلون اكثر من عشرة في المئة من السوريين الوافدين، ولم يكتفوا بذلك قط بل بعد الضغط وايقاف توافد الفلسطينيين من سوريا، صدر قراراً آخر من الأمن العام ايضاً بوقف اصدار الإقامات للفلسطينيين السوريين بعد تجاوز مدة اقامتهم السنة، وهناك من شمله القرار وهناك من حالفه الحظ ومدد اقامته قبل صدور القرار، ودفع مبلغ مئتين دولار اي ثلاثمئة الف ليرة لبنانية ..
ولم يتم لغاية الآن معرفة الاسباب الحقيقية وراء هذه القرارات، بالرغم من انه ومنذ اللجوء والنزوح الى لبنان لم تسجل اي حادثة امنية من قبل اي فلسطيني حامل للوثيقة السورية ، علماً بان اعداد اللاجئين الفلسطينيين من سوريا الى لبنان انخفض من نحو 70000 الى 44500 لاجئا (حسب احصاءات وكالة الغوث وتشغيل الفلسطينيين"الانروا" 2014)، وذلك بسبب التضييق والاجراءات التي وقعت على هذا اللاجئ .. فاضطر بعضهم للعودة القسرية الى سورية والبعض الاخر بقي متواجدا في لبنان، بعيدا عن الثكنات والحواجز الامنية خوفا من اعتقالهم بتهمة مخالفة قانون الاقامة. الأمر الذي ضاعف من معاناتهم. ناهيك عن الوضع الصحي والتعليمي، فـ"الانروا" لا تقدم الى القليل، وبدورها وجدت لتساند الشعب الفلسطيني وتأمين حياة كريمة له الى حين العودة الى البلد الام. فاقتصر عمل "الأونروا" على الطبابة المتواضعة في عياداتها المنتشرة في المخيمات، أما باقي الدعم المادي والمعنوي والمالي وتقديم بعض الحاجات الأساسية لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا شيء غائب عن الأونروا ومهامها، وهي حتى هذه اللحظة لم تطبق دورها المتمثل بـ"إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين".
لقد بدا واضحا وبما لا يقبل الشك، ان التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين من سورية الى لبنان مختلف تماما عن التعامل مع اللاجئين السوريين رغم وجود ذات الظروف التي دفعتهم الى اللجوء، بينما مورست على الفلسطيني "العودة القسرية".
كذلك لم تعتبر الجهات المعنية وجود فلسطينيي سورية ناجما عن ظروف قسرية بل اعتبرته وجودا عاديا يتطلب استيفاء شروط خاصة وتعجيزية، ماجعل اصوات اللاجئين وخاصة الشباب تطالب بالهجرة بحثا عن ملاذا يبعدهم عن لعنة المعاناة التي تلاحقهم اينما حلوا..
إن ضعف المرجعية التي من المفترض ان تحمي اللاجئين الفلسطينيين وتصون حقوقهم، سبب رئيسي في استباحة التعاطي السلبي معهم، لذلك على منظمة التحرير الفلسطينية والأنروا الضغط للتخفيف من القيود المفروضة عليهم بما يضمن حفظ ارواحهم من مخاطر الهجرة والموت في البحار او العودة القسرية الى مناطق النزاعات.
المصدر: دنيا الوطن