لاجئو سورية الفلسطينيون إلى لبنان.. المزيد من المتاعب

منذ 10 سنوات   شارك:

فرانكلين لامب

ناشط أميركي في لبنان

مخيم حمص للاجئين الفلسطينيين، سورية - تواصل الظروف التضييق على اللاجئين الفلسطينيين والسوريين الهاربين للنجاة بأرواحهم والساعين إلى النجاة في لبنان. وفيما تتصاعد ما تبدو أزمة حكومية أبدية في لبنان، قام "أمراء حرب" مختلفون ومخضرمون من أيام الحرب الأهلية اللبنانية، والذين سعوا بفضل عفوهم العام عن أنفسهم في العام 1989 إلى تثبيط العدالة عن ملاحقة خليط من جرائم الحرب، قاموا بتعيين أنفسهم "أمراء سياسة" للبنان، ساعين مرة أخرى إلى اختيار رئيس. وهناك بعض الأحزاب المعينة والمعادية للفلسطينيين والمؤيدة للصهيونية، والتي تواصل "حرب لبنان الباردة"، لا تفوت أي فرصة، لغايات سياسية، لسحق اللاجئين الفلسطينيين الذين ما يزالون عالقين في لبنان.

الآن، يتم بعث الملاحظة المبتذلة القديمة التي تقول "إن الفلسطينيين يسعون إلى التجنيس اللبناني، والسماء تسقط"، من أجل نثر المخاوف الطائفية وكسب روافع سياسية لأحزاب مختلفة. وثمة راغب في الرئاسة اللبنانية، معادٍ للفلسطينيين، والذي عمد مؤخراً إلى تعيين موظف سابق في مكتبه والذي أصبح الآن صهره وزيراً للخارجية. ولم يهدر الرجل أي وقت هو وأفراد عائلته ليقوم بترديد التعاويذ القديمة المعادية للفلسطينيين، وآخرها تقول: "يمنع الدستور اللبناني التجنيس، وسيؤدي تجنيس الفلسطينيين إلى تدمير ديموغرافية البلد!"، ويبقى هذا العنوان الرئيس الساعي إلى الإدلاء ببيان مضلل خارج السياق تماماً، وهو يهدف فقط للحصول على الأصوات المسيحية لفصيل يميني واحد كرد فعل مخيف على اختطاف الانتباه السياسي الذي انتزعه مؤخراً المنتقم المسيحي من عائلته، زعيم الميليشيات سمير جعجع.

حصل قائد القوات اللبنانية، بشكل يدفع إلى الصدمة، على 48 صوتاً من أصل 86 اللازمة للفوز بالرئاسة في الجولة الأولى من التصويت البرلماني لانتخاب الرئيس. والحقيقة المعروفة جيداً هي أن اللاجئين الفلسطينيين الذين يعاملون هنا أسوأ من أي مكان آخر في العالم، بما في ذلك فلسطين المحتلة، ولا يسمح لهم فعلياً بأي حقوق مدنية، لا يحصلون وفق التصميم، ولم يحصلوا، ومن المرجح أنهم لن يحصلوا أبداً على التجنيس. ولذلك يبقى تركيزهم منصباً على العودة الكاملة إلى بلدهم، فلسطين. والادعاء بغير ذلك خلال هذا الموسم الانتخابي هو ما يقوم به "قادة" محليون معينون، لكنه مجرد ثرثرة فارغة.

لكن وزير الخارجي اللبناني الجديد ليس وحيداً في استهداف اللاجئين الفلسطينيين هذا الربيع لغاية سياسية. فثمة الأمن العام ووزارة الداخلية من بين آخرين انضموا للجوقة بنشاط في لعب "بطاقتهم الفلسطينية".

مثلاً، تمنع إجراءات الأمن العام اللبناني المعدلة مؤخراً دخول الفلسطينيين الهاربين للنجاة بأرواحهم ما لم يتم الوفاء بثلاثة شروط تعجيزية. فاعتباراً من الآن، يجب على الفلسطينيين الذين يصلون إلى نقطة الحدود السورية اللبنانية في "المصنع" أن يكونوا متوافرين على "تخويل سابق" من الحكومة اللبنانية، وأن يكون لديهم تصريح إقامة في لبنان، أو أنهم في وضع عبور ترانزيت، وفي هذه الحالة يمكن السماح لهم بالإقامة 24 ساعة في لبنان ويجب عليهم مغادرة الأراضي اللبنانية بسرعة. وفعلياً من المستحيل الوفاء بأول شرطين، ومن غير المرجح أن يكون أحد قادراً على الوفاء بهما.

في اليومين السابقين، أبلغت الحكومة اللبنانية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة بأن الإجراءات قد تكون "مؤقتة، وأن الاستثناءات قد تدرس في الوقت المناسب، وأيضاً إذا تم الوفاء بالمتطلبات الإنسانية". لكن هذا ينم عن مزيد من الهراء. في الفترة الأخيرة، وجد مسح أجراه هذا المراقب على أكثر من 30 فلسطينيا اختيروا عشوائياً يسعون للدخول إلى لبنان من سورية عند نقطة الحدود في المصنع أنهم منعوا كلهم من الدخول. وقد سمح لشخصين بالضبط بالدخول للسفر من مطار بيروت الدولي واللحاق بطائرتهم المتجهة إلى أوروبا أو مكان آخر.

ولكن، ما علاقة هذه التكتيكات الأخيرة الرامية إلى ضرب اللاجئين الفلسطينيين برشا الحلبي، الفتاة التي بلغ عمرها لتوها 18 عاماً، والتي ترعرعت في مخيم اللاجئين الفلسطينيين في حمص؟

إنها علاقة كبيرة، كما يتبين.

ما تزال رشا وآلاف الطلبة السوريين والفلسطينيين يستعدون منذ أشهر لشهر حزيران (يونيو) القاسي والقادم بسرعة. هذا هو شهر امتحانات البكالوريا السورية الحاسمة المطلوب اجتيازها من كل طلبة المدارس الثانوية السوريين والفلسطينيين من أجل دخول الجامعات. وسيعقد أول امتحان في البكالوريا لرشا يوم الأحد، الأول من حزيران (يونيو)، فيما يعقد آخر امتحان يوم 17 منه.

تاريخياً، تتوافر سورية على نظام تعليمي قوي مجاني، من صف الحضانة وحتى الجامعة، والذي يحظى بالاحترام الدولي. ومثل كل شيء في سورية هذه الأيام، فقد كلف "الوضع" حصيلة ثقيلة. وما تزال سورية تتمتع بواحد من أعلى معدلات التعلم (90 %) في عداد 197 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وفق منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة. وقبل آذار (مارس) من العام 2011، داوم 4.8 مليون طفل سوري -أو 97 % من الأولاد في سن المدرسة الابتدائية، و67 % من الأولاد في سن المدرسة الثانوية- على ارتياد الفصول الدراسية بانتظام، كما قال موظف في اليونيسيف لهذا المراقب في الشهر الماضي. لكن، ومع تدمير أكثر من 4000 أو إصابتها بأضرار جسيمة، أصبح أكثر من مليون طالب سوري وفلسطيني ممن اضطروا إلى الفرار من سورية غير مسجلين في المدارس.

رغم كل المشاكل التي تواجه الطلبة الفلسطينيين والسوريين، والتي تشمل الأمثلة عليها الافتقار إلى الأمن، وسقوط قذائف الهاون على دمشق وغيرها، والفجوات في الكهرباء، والتضخم، والخوف مما قد يحدث في أي لحظة، وخسارة بيوتهم، وأفراد العائلة العاطلين عن العمل، حيث يدعي البعض بأن الأزمة الراهنة لا تتيح المجال للطلبة بالتقدم لامتحان البكالوريا هذا العام. لكن رشا وآلاف من الطلبة الآخرين يدرسون بجد، وهم مصممون على الحصول على درجات جيدة في امتحان البكالوريا في الشهر المقبل. ومن جهتها، وضعت أم رشا، نور، بعض القواعد الجدية للتحضير لامتحان ابنتها قبل خمسة أشهر من قرار السنة الجديدة. وحتى تنتهي الامتحانات، لا تسمح لرشا باستخدام الانترنت ولا تسمح بأي مادة في "فيسبوك" أو بالرسائل الإلكترونية، كما أن هاتف رشا المحمول محفوظ في حافظة والدتها. وتبعاً لذلك، لا "واتس اب" أو رسائل نصية قصيرة أو مادة محادثة "تشات"، بالإضافة إلى صفر تلفاز. كما أن رشا غير مسوح لها بالخروج مع الأصدقاء. وعندما لا تكون رشا في الفصل الدراسي، يجب عليها أن تكون في غرفتها للتحضير للبكالوريا، جالسة على طاولة الدراسة خاصتها المملوءة بكتب التحضير للامتحانات والأوراق. وكما شرحت أمها لهذا المراقب، فإن "هذا الامتحان هو مستقبل رشا. وهو سيحدد ما ستصبح عليه في الحياة. ويجب عليها أن تؤدي أداء جيداً!".

لسوء الطالع، وبعد قضائها الشهور الستة الماضية تقريباً في التحضر لامتحان البكالوريا وكسب بعض الثقة في فرصها واحتمالات مستقبلها، كما هو حال آلاف الطلبة الفلسطينيين وطلبة سورية، لا يبدو أن رشا ستتمكن من تقديم الامتحان.

السبب هو أن عائلتها اضطرت قبل أربعة أشهر إلى الهرب إلى لبنان للنجاة من القصف القريب من منزلها في مخيم حمص الفلسطيني. وكانت خطتها، كما هو الحال مع آلاف الطلبة الفلسطينيين في لبنان والقادمين من سورية، هي العودة إلى سورية لتقديم امتحان البكالوريا ثم الانضمام مجدداً لعائلاتها في مخيم عين الحلوة في لبنان. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال الأمن العام اللبناني وموظفو نقطة العبور الحدودية بين سورية ولبنان "المصنع" إنه لن يسمح للطلبة الفلسطينيين بالعودة إلى لبنان إذا توجهوا إلى سورية لأداء امتحانات البكالوريا. وهكذا، فإن الخيارات أمام هؤلاء الطلبة تبقى محدودة؛ إما أن يتقدموا للامتحانات في سورية التي يترتب عليهم أن لا يغادروها حيث لا توجد عائلاتهم معهم، أو أن ينسوا أمر البكالوريا ويضعوا مستقبلهم على المحك.

وقد فشلت اجتماعات مكثفة عقدت في دمشق هذا الشهر بين متطوع مع برنامج البعثات الدراسية في صبرا-وشاتيلا ودائرة التعليم في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأونروا، بالإضافة إلى وزارة التربية والتعليم السورية، في التوصل إلى حل حتى الآن. وثمة حل واضح يدفعه البرنامج، هو ببساطة أن يكون ثمة مسؤولون سوريون يديرون البكالوريا السورية في لبنان للطلبة الفلسطينيين والسوريين العالقين في لبنان. ويشار هنا إلى أن الأونروا تواجه العديد من المشاكل الأخرى ولا تبدو راغبة في الانخراط في هذا الموضوع، رغم الكثير من المناشدات بأن تقدم على هذا الأمر. ومن جهتها، وعدت وزارة التربية والتعليم السورية بدراسة ما يمكن فعله، لكن الوقت آخذ في النفاد ودعوات هؤلاء المراقبين تلقى إجابات من قبيل "سوف ننظر في الموضوع". ومن المفهوم أن رشا وآلاف الطلبة الآن يشعرون بضغوط هائلة تضاف إلى العديد من الضغوطات الأخرى. وتشعر رشا وأمها بشيء من الذعر حالياً.

لعل الحل الأبسط لهذه الأزمة الإنسانية الأخيرة يكمن في أن يقدم الأمن العام اللبناني على إصدار استثناء لمرة واحدة، يسمح للطلبة الفلسطينيين والسوريين الذين هربوا من سورية إلى لبنان للنجاة بأرواحهم بالعودة إلى سورية لتقديم امتحانات البكالوريا ثم العودة إلى لبنان، حتى تسمح لهم الظروف بالعودة إلى سورية، وفي نهاية المطاف إلى فلسطين.

لكن الوقت قصير، وليس للاجئين سوى القليل من الأصدقاء في لبنان في هذه الأيام. ومن الممكن أن تفضي مكالمة هاتفية لدقائق عدة من البيت الأبيض أو من طهران لوكلائهم المعنيين إلى حل المشكلة التي تواجه هؤلاء الطلبة، والتي تعد فرصة تعليم أنفسهم كمثل حقهم في الحياة.

هل سيأتي أحد ما للنجدة؟ أم سيكون مدونو الانترنت والناشطون في المجتمع المدني والمنافحون عن سورية وفلسطين راغبين وقادرين على إقناع الحكومة اللبنانية بمنح تأشيرة سفر لهؤلاء اللاجئين؟

إن الوقت قصير بالنسبة لرشا، الفتاة الذكية والمجتهدة الملتزمة بخدمة وطنها فلسطين وسورية في انتظار العودة إلى قريتها بالقرب من مدينة حيفا الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948. وقد علمت عائلتها قبل يومين من كتابة هذا الموضوع أن جامعة ستراسبورغ، الساك، وهي ثاني أكبر جامعة في فرنسا، ستمنحها بعثة دراسية كاملة إذا كان أداؤها جيداً في امتحانات البكالوريا. ويستطيع البرنامج التابع للاونروا المساعدة قليلاً في هذا الموضوع.

من المؤمل أن يلين لبنان وأن يسمح للطلبة الفلسطينيين والسوريين بالتقدم لامتحانات البكالوريا في الشهر المقبل.


*أستاذ القانون الدولي الزائر في كلية الحقوق في جامعة دمشق، والمتطوع في برنامج البعثات الدراسية لصبرا-شاتيلا.

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

المصدر: الغد الأردنية

مقالات متعلّقة

تغريدة "Gaza Writes Back"

  !israel is a piece of shit and they know ittwitter.com/ThisIsGaZa/status/595385208385449985/photo/1 




تغريدة "عاصم النبيه- غزة"

 عندك القسام وبتأيد داعش؟ روح استغفر ربك يا زلمة.. #غزةtwitter.com/AsemAlnabeh/status/595507704338186240
 




تغريدة "أحمد بن راشد بن سعيد"

القاهرة تنتفض ضد قرار تقسيم #فلسطين عام 1947.كان زمان!لكن تظل #فلسطين_قضيتناtwitter.com/LoveLiberty/status/594548013504307200/photo/1




تغريدة "Joe Catron"

 Take a moment to thank "@MsLaurynHill" for cancelling her concert in occupied Palestinetwitter.com/jncatron/status/595337215695192064/photo/1




تغريدة "Dr. Ramy Abdu"

 المغنية الأمريكية المشهورة لورين هيل تلغي حفلها الفني في "إسرائيل" بعد حملة واسعة لنشطاء حركة المقاطعة.twitter.com/RamAbdu/status/595530542910742528




تغريدة "النائب جمال الخضري"

في #غزة يقهرون الإعاقة ويلعبون الكرة الطائرة أطرافهم بترت اثناء الحرب على غزة لا يأس ولكن عزيمة وصمود لهم التحية.twitter.com/jamalkhoudary/status/595520655858147328





 

حسام شاكر

الإبداع في ذروته .. رفعت العرعير مثالاً

أيُّ إبداعٍ يُضاهي أن تُنسَج القصيدة المعبِّرةُ من نزفِ شاعرها أو أن تصير الكلمات المنقوشة بالتضحيات العزيزة محفوظاتٍ مُعولَمة في … تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.
    لاعب خط الوسط الأردني محمود مرضي يرفع قمصيه كاتباً "هي قضية الشرفاء" ، بعد تسجيل هدف لمنتخبه ضد ماليزيا.