لتعزيز الدور في بلورة المجتمعات

مبادرة الرسم على جدران المنازل في المخيمات الفلسطينية تنفيذاً لمشروع «تواصل»

منذ 12 سنة   شارك:

فتح «الربيع العربي» الآفاق أمام ثورة الشباب للتعبير عن آرائهم... فجاءت «تَواصل» من رحم التغيير، ومن قلب «كي لا ننسى»، لتعزيز كرامة الإنسان وإعادة ثقته بنفسه، حتى يشعر بأنّه بشر، فلا يستطيع أحد أنْ يسلب منه حقوقه وإرادته أو معرفته أو إنسانيته، كي لا يتحوّل إلى مجرم أو إرهابي أو إلى إنسان مجرّد من الطموح والآمال، فالإنسان العربي حر...

وجاءت «تواصل» لتعزيز المعرفة بالحق في التعبير والثقافة والعيش الكريم والبيئة السليمة، بمعزل عن أي تفرقة في الجنس والعقيدة والدين، وصولاً إلى تمكين أعضاء المجتمعات من المشاركة في العملية التنموية وتشجيع وصقل المبادرات المحلية، وتمكينها والتعريف بها في أسواق العمل، وإشراك العنصر النسائي في القضايا المختلفة وتعزيز دورهن الريادي في بلورة المجتمعات، وإشراك الشباب في البرامج التنموية وتوفير وإعادة التأهيل والتدريب والتنسيق مع الأفراد والهيئات الأهلية من أجل تنمية مستدامة...

والجيل الشبابي الذي يُعتمد عليه في بناء المجتمعات المستقبلية، هو بحاجة إلى توجيه وتدريب وتنمية قدرته كي لا يقع في شرك البطالة واليأس أو في آفات المجتمع الخطيرة، التي لا تنعكس عليه وحده، إنّما على أسرته ومجتمعه، فكانت «تواصل» لملء الفراغ، وحافزاً لإطلاق المواهب والقدرات كل حسب ميوله...

«لـواء صيدا والجنوب» التقى مؤسِّسة «تَواصل لغد أفضل» ريما ملحم، التي تواكب مختلف النشاطات، وتحرص على الإشراف عليها لضمان نجاحها بمساعدة فريق عمل شبابي ناشط...

الفكرة والولادة

وُلِدَتْ مبادرة «تَواصل» من الإيمان بضرورة الحاجة للإتيان بتاريخ جديد وأجيال جديدة، حيث أخرجت الأجيال أضعاف طاقتها للنهوض مجدّداً بالمجتمعات في ظل الفوضى التي حصلت في المنطقة، «الربيع العربي»، هذا ما أكدته ريما ملحم، التي حملت المبادرة من بلد إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى بهدف إعادة التوازن، حيث تقول: «إنّنا سوق إستهلاكية دائمة، وبعيدون عن البحث العلمي والإنتاج والإبداع، وأسرع شيء يجب العمل عليه في المجتمعات التي تملك قدرة شبابية، هو تحفيزهم من خلال مساعدتهم عن طريق صقل مهاراتهم واسترجاع ثقتهم بأنفسهم، بأنّه لا يزال هناك أمل بالبقاء عن طريق المحافظة على عقلنا وعلمنا وهويتنا وبُعدنا العربي، لأنّها هجمة قوية جداً جاءت على كل المناطق والطبقات والأفراد، فيجب علينا الآن أن نصقل ونحمي عقولنا وأنفسنا وإنساننا العربي وشبابنا، هذه هي فكرة «تواصل» وهي ليست جديدة، فبالسابق كنتُ أعمل على مشروع يسمّى «كي لا ننسى» من خلال القيام بعدّة جولات في المناطق العربية (الأردن، لبنان وسوريا) من سنة 2004، حيث كنتُ أذهب بزيارات إلى دول الطوق، إذ لي فيها العديد من الأقارب والأصدقاء، فأطلب منهم إخباري عن الأماكن الأقل حظاً للنظر في مشاكلهم وسوء الحالة المعيشية، فأقوم بالمساعدة قدر الإمكان، ولم يكن في بالي موضوع المال، لكن كان تركيزي على أن أقوم بشيء يترك أثراً إيجابياً».

وتوضح ملحم أنّه «لم يتم تغيير مشروع «كي لا ننسى» إلى «تَواصل» على عكس ما يفهم الناس، فـ «كي لا ننسى» لا تزال قائمة لليوم، فعندما أشعر بالإحباط والأوضاع غير الطبيعية، أرجع إلى «كي لا ننسى» لأنها تعطيني طاقة عالية، فهي تجعلني أرى أنّ الناس منذ 66 سنة حتى اليوم ما زالوا على نفس الحارات الضيّقة والحياة المعيشية الصعبة، فالناس لليوم تقول نريد معالجة القضية وهناك الكثير من المؤسّسات والجهود الجبارة التي بُذِلَتْ منذ سنوات، ولكن لا يجب أنْ نبقى على نفس الطريقة، بالجهد الذي نقدر عليه، «كي لا ننسى» دائما تذكّرنا، لكن «تَواصل» أُطلِقَتْ سنة 2012».

الانطلاقة والأهداف

وتشير ملحم إلى «أنّ انطلاقة «تَواصل» كانت من مخيّم عين الحلوة، أكبر مخيّم للشباب الفلسطيني، فهو أحد المخيّمات التي أقوم بزياراتها بشكل دائم، أما الآن فقد امتدت إلى مناطق كثيرة تشمل الأردن، فلسطين وسوريا، وهدفنا تعزيز كرامة الإنسان وإعادة ثقته بنفسه كاملاً، حتى يشعر بنفسه وأنّه بشر، فأنتَ تستطيع أنْ تسلب منّي كل حقوقي، لكنك لا تستطيع أنْ تسلبني إرادتي ولا معرفتي ولا إنسانيتي، كما إنّك لا تستطيع أنْ تحوّلني إلى مجرم أو إرهابي أو إلى إنسان مجرّد من الطموح والآمال، فالإنسان العربي حر، هذا مبدأنا، ونحن بشر أحرار، ولدينا فكر ونعتز بهويتنا وعلمنا، ونحن نعلم بأنّ آباءنا وأجدادنا عاشوا في ظروف أصعب، لكن عزّة النفس وثقتهم بأنفسهم وكرامتهم هي التي ساعدتهم على أنْ يكملوا المسيرة إلى اليوم دون يأس أو إحباط».

وتعدد المشاريع التي أنجزتها «تواصل» في مخيّم عين الحلوة بعدما طلبنا قاعدة بيانات، فتقول: «نحن نريد أن نعمل مع الشباب من فئة عمرية بطريقة مختلفة ومع النساء، ولا نريد أن نلغي عمل المؤسسات والجمعيات والأحزاب التي عملت من زمن طويل، فنحن نريد أن نكمل عملهم أو نطرح شيئا جديدا، إذ إنّنا نعتز بما قامت به تلك المؤسسات ولكن الآن أصبحت المتطلبات شيئا مختلفا، فلم نجد قاعدة بيانات تحدد مهارات وقدرة الشباب للعمل معهم وصقل قدراتهم، فقمنا بالعديد من جلسات تقييم للاحتياجات».

صقل المهارات

وتضيف ملحم: «قمنا بطرح العديد من ورش العمل التدريبية نسميها «صقل المهارات والتفكير الإبداعي»، حيث من خلال هذه الورش نستطيع أن نعلّم الكثير عن قدرة الشباب، وما زلنا نعمل بذات الطريقة في فلسطين والأردن، وقد قمنا بالتعاون مع الكثير من المؤسسات والجمعيات داخل المخيّم ومدينة صيدا، وبمساعدة العديد من المدربين من داخل لبنان وخارجه، استطعنا أنْ نُنجِح تلك الورش وخرجنا منها بقاعدة بيانات غنيّة بتقييم الاحتياجات التدريبية، من هنا استطعنا أن نرى خطَّ أمل حتى 40 سنة، بالتالي بدأنا بالتفكير عن كيفية العمل، نحن لدينا كفاءات عربية نعتز بأنفسنا ومتواضعين، نمدُّ يدينا لمساعدة الناس من خلال التمكين المعرفي، العلمي، الثقافي والفني، وبدأنا بتقسيم الفرق حسب الاحتياجات لكل فرد من ضمنها النساء وكبار السن، كما بدأنا بالعمل من خلال مشروع رائد مدته سنة واحدة لنرى سبل النجاح ومأسسة العمل، وهو عبارة عن مجموعة مشاريع، نذكر منها: تعزيز دور الفن التشكيلي، تعزيز دور الفرق الشبابية للمصورين، تعزيز دور فرق التصميم، تعزيز دور الشباب المهنيين وتوجيههم نحو موضوع الطاقة المتجدّدة، تعزيز دور الشباب الممرّضين نحو الجودة في الرعاية الصحية، تعزيز دور النساء والشابات، وبالأخص مَنْ لا يستطيعون التعلّم وتعزيز دور الشباب في الكتابة الابداعية، فعندما نركز على العلم والمعرفة والانتاج تنتهي كل المشاكل، يجب مكافحة كافة المشاريع التي تعمل على جعلنا بؤرة فساد وفقر وتخلف وخصوصا التخلف العلمي».

مشاكل ونجاح

وتشدّد على أنّه «ليس في لبنان مشروع تعتز به دون آخر، بالنسبة لي في لبنان، يجب أنْ تنجح كل مشاريعنا، فليس لديّ مشروع أميّزه عن الآخر، لأنّ هؤلاء الشباب متعطشون إلى الإبداع والنجاح والتفوّق، وفي كل حقل من المشاريع، كنّا نعمل على إيجاد شباب لندرّبهم ليُصبحوا مدرّبين وقادة وإداريين، وأنجح مشروع هو أنّنا استطعنا أنْ نؤسّس العمل ونخلق شباب يغيّرون الصورة، حيث أصبحوا هم الإداريون والمدربون، هم القادة والفنانون، وهم الذين يخطّطون ويضعون كافة الاحتياجات لأي عمل وتنظيمه».

وتختم ملحم بأنّ «هناك تحديات كبيرة جداً، وكل مشروع نعمل عليه تتخلّله ورش تدريبية أو لقاءات أو جلسات أو ندوات أو نجلب أناساً يتمتّعون بخبرة عالية في ما يخص المشروع الذي نريد تنفيذه، لكن أبرز المشاكل كانت أمنية، ومع ذلك وبإصرارنا وتمسّكنا بالعمل مع الشباب حتى في أصعب الظروف، ونحن نعمل مع الجميع ونساعد الأبناء بمشاريع هادفة ونشجّع الأهالي للانخراط أيضا ضمن مشاريعنا، وأنا أتمنى لهم الخير والنجاح والتألّق الدائم وأنا مؤمنة بقدراتهم».

المصدر: ثريا حسن زعيتر - اللواء



السابق

ثلاثة لاجئين فلسطينيين يعيشون فيلم "الحدود" بين لبنان وسورية

التالي

نقيب الصحفيين الفلسطينيين يدعو لضغط عالمي للإفراج عن الصحفيين الأسرى


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

ياسر علي

الانتفاضةُ الفلسطينيةُ الأولى: شرارةُ الوعيِ الشعبيِّ ومسارُ الخَيْبَةِ السياسيةِ

لكلِّ فلسطينيٍّ ذاكرةٌ مُترسِّخةٌ عن محطّاتِ النضالِ الفلسطينيةِ التي عايشَها أو تفاعلَ معها.. ولكاتبِ هذه السطورِ ذاكرةٌ في بد… تتمة »


    ابراهيم العلي

    في ظلال يوم الأرض الفلسطينون : متجذرون ولانقبل التفريط

    ابراهيم العلي

     يعد انتزاع الاراضي من أصحابها الأصليين الفلسطينيين والإستيلاء عليها أحد أهم مرتكزات المشروع الصهيوني الاحلالي ، فالأيدلوجية الصهي… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون