ياسمين في مستشفى "الشفاء" في غزة التي فقدت أمها حين كانت تصنع الخبز
ليست هي الطفلة الأولى التي تنجو من الحرب، لكنها من أطفال غزة الذين سقط معظمهم في عداد الشهداء خلال اعتداءات إسرائيلية استمرت شهراً بلا رحمة. كل ما تتذكره ياسمين البكري، التي تبلغ من العمر 11 عاماً، هو أن أمها كانت تصنع الخبز. ثم استيقظت لتجد نفسها على سرير في مستشفى في غزة، حيث اكتشفت أن ساقيها وذراعها اليمنى في الضمادات وأنها تعاني من حروق شديدة وكسور بعد أن أُصيب منزلها في هجمة جوية اسرائيلية.
علمت ياسمين، أيضاً، أنها فقدت معظم أفراد عائلتها. لكنها نجت، والنجاة فأل حسن في ظل الإحصائيات التي أصدرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف»، أمس، إذ أظهرت أن 419 طفلاً فلسطينياً استُشهدوا في الحرب.
ووفقاً للإحصائيات الأولية لـ«يونيسيف» فقد أُصيب ستة أطفال اسرائيليين على الأقل في الشهر المنصرم. أما ياسمين فقد أُبلغت بأن أمها وشقيقتها، التي تبلغ ست سنوات، وشقيقها البالغ ثلاثة أشهر، استُشهِدوا جميعاً مع عمها وابن عمها عندما أصاب صاروخ منزلهم قبل يومين.
وتخبر ياسمين وكالة «رويترز»، أثناء تحضيرها لجراحة في ذراعها المصابة بكسور، قائلة، «كنت أساعد أمي وهي تصنع الخبز ثم علمت بما حدث. عندما أفقت في المستشفى أبلغوني بما حدث». تضيف بصوت خافت وهي تحاول التنفس بصعوبة، «أمي ماتت هي وشقيقتي التي كان يُفترض أن تبدأ عامها الأول في المدرسة وشقيقي الرضيع. عمي استشهد وابن عمي أيضاً».
من جهتها، تفيد وزارة الصحة في غزة بأن 1869 فلسطينياً، معظمهم مدنيون، استُشهدوا في الحملة العسكرية الاسرائيلية على قطاع غزة.
وعلى سرير آخر في مستشفى «الشفاء» في غزة يبكي محمد وهدان، الذي يبلغ 18 شهراً، في كل مرة تحاول فيها ابنة عمه سحب إصبعها من يده.
وتقول أحلام، وهي تشير الى شقيقي الطفل اللذين يرقدان على أسرة بجواره، إن «هؤلاء الأطفال فقدوا أمهم.. وأبوهم إصابته خطيرة ونُقل الى مستشفى آخر ومنزلهم أيضاً دُمّر».
هؤلاء في الأصل من بلدة بيت حانون بالقرب من الحدود الشمالية لغزة، حيث لجأت العائلة الى مدرسة تديرها الأمم المتحدة بعدما قُصف منزلهم. لكن المدرسة تعرضت للقصف أيضاً واستُشهد 17 شخصاً لجأوا اليها بحثاً عن ملاذ. على الرغم من أن إسرائيل تدّعي أنها تطلق النار على ناشطين فلسطينيين. تضيف أحلام «بعد ذلك استأجرت العائلة منزلاً في مخيم جباليا للاجئين لكن في تلك الليلة قصف المنزل ووقعت المأساة».
وخارج مستشفى «الشفاء» شُرّدت عائلات بسبب القوات الاسرائيلية في حي الشجاعية في شرق غزة، حيث استُشهِد 72 شخصاً منذ أسبوعين، واستخدموا الأغطية لنصب خيام مؤقتة في الممرات وفي الحديقة وفي ساحة لانتظار السيارات. هناك يلعب الأطفال حفاة وينام بعضهم في ظل الخيام، بينما تطعم أمهاتهم الأطفال الآخرين.
وتتساءل امرأة عجوز تجلس على مقربة: «ما هو المستقبل الذي ينتظر هؤلاء الأطفال؟ وما هي الذكريات التي رسختها إسرائيل فيهم؟».
وتضيف أن «الأطفال خائفون طوال الوقت وهم لا ينامون، وفي بعض الأحيان يستيقظون في منتصف الليل وهم يصرخون».
من جهتها، تشير تقديرات «يونيسيف» الى أن نحو 400 الف طفل في غزة يحتاجون الى دعم نفسي. أما ياسمين فهي لا تريد أن تبكي لفقد عائلتها لأنها مقتنعة «بأنهم في السماء.. وأنا أتذرع بالصبر».
(رويترز)
أضف تعليق
قواعد المشاركة