المركز الفلسطيني للإعلام: للعام السادس على التوالي، يرتفع منسوب مياه وادي غزة بشكل مفاجئ ليغرق عشرات المنازل، ما يضطر المواطنين إلى هجران بيوتهم والبحث عن أماكن تأويهم.. حالة الفيضان هذه التي يتسبب بها الاحتلال بعد فتح السدود المؤدية إلى هذا الوادي باتت تشبه "الهجرة الشتوية القصرية" لأهالي قرية المغراقة جنوبي مدينة غزة.

فمع ساعات الفجر الأولى، اليوم الأحد، داهمت مياه الوادي عشرات المنازل ليغرقها بمياهه حاملا معه بعضا من رؤوس الماشية والجمال، فيما شرد سكان عشرات المنازل من قرية المغراقة.

هذا المشهد، كما يقول مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام"، بات متكرراً في السنوات الست الأخيرة بعد أن يفتح الاحتلال سدود المياه الحدودية شرق غزة حين تخرج عن سيطرته.

خطر سنوي

ومنذ ساعات الصباح انقسم الناس في الطرف الشرقي لفريقين؛ الأول يضم عشرات الأطفال اتخذوا من برك الوحل والمياه ملهاةً لهم، والثاني هم أصحاب المنازل المتضررة يحاولون إنقاذ ما تركوه في عتمة الليل بعد هروبهم إلى أماكن أخرى تؤويهم.

يقول ياسين حجو، إن شهر يناير وفبراير من كل سنة يحمل خطر الفيضان حين يفتح الاحتلال سدود المياه التي تغمر المنازل القريبة من مجرى الوادي.

ويضيف لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، "استيقظنا على صوت هدير كهدير البحر وأخرجنا الدفاع المدني بالقوارب، ولجأنا لمنزل جيراننا بعد أن غمرت المياه كل الفراش والأثاث وانقطعت الكهرباء".

أما المواطن محمد التتر، فقد أجبرته المياه على الصعود مع أسرته للطابق الثالث بعد أن غرق الطابق الأول والثاني، فنادى مستغيثاً بالجيران والدفاع المدني حتى وصلوه بصعوبة، ونقلوه للضفة الآمنة.

جذور المشكلة

سبب المشكلة كما يؤكد السكان هو فتح الاحتلال لمياه السدود في الوقت الذي يعاني فيه مجرى الوادي من وجود الركام والنفايات الصلبة، ومخلفات الحرب من بيوت مدمرة وغيرها؛ التي تعيق مجتمعة تدفق المياه في المجرى فتتحول لتداهم المنازل المجاورة.

ونقلت طواقم الدفاع فجر الأحد سكان عشرات المنازل المتضررة إلى مركز "الوفاء" بعد ارتفاع منسوب الوادي 3 أمتار، في نوبة عمل مشتركة وشاقة شارك فيها الدفاع المدني والبلدية ووزارة الأشغال لاحقاً .

وعلّق يوسف أبو هويشل رئيس بلدية المغراقة على الحادثة، مشيراً أن المشكلة تتكرر بشكل شبه سنوي، وتتسبب في تضرر منازل وماشية عشرات المواطنين.

وأضاف: "المجرى مليء بالركام ومخلفات صلبة تعيق جريان الوادي، لذا تتجه المياه للجهة الشمالية المنخفضة، وتداهم المنازل ومربي الماشية، وقد ناشدنا كل الجهات بضرورة تنظيف المجرى، فالحل الوحيد هو إزالة المخلفات الصلبة، وتغريم من يلقي بالركام في الوادي".

ويطالب سكان الوادي بحل المشكلة عبر إقامة جدار حماية أو سواتر ثابتة تقيهم خطر فيضان الوادي الذي أصبح هاجس كل منخفض جوي.

الماشية والجمال

في منطقة "أبو هريرة" أو ما يسمونها محلياً "عزبة الملالحة" وهم مربو الماشية والجمال يبدو التوتر واضحاً على وجوه عشرات الرجال والنساء الذين يراقبون خسائرهم المادية بحسرة.

يقول الحاج أبو عميرة، إنه بالكاد هرب بعيد فيضان الوادي ونجا بماشيته ودواجنه؛ لكن اتساع رقعة الوادي تحول دون وصوله لمكان تربية الماشية التي ألف العمل في ترىبيتها لسنوات طويلة.

ويضيف لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، بالقول: "هناك أغنام جرفها السيل وبعضها غرق، فالفيضان يأتي عادة ليلاً، وعلى غفلة، وقد زاد ارتفاع منسوب الوادي هنا عن مترين، فهربنا، لكن بقيت الجمال هناك كما ترى".

أما السبعيني خليل أبو تيسير، فيضع حلاً ميدانياً للمشكلة راسماً بعصاه خطوطاً فوق الوحل الجاف، مطالباً بوضع سواتر ترابية مرتفعة، وإنشاء رصيف يحدد مجرى الوادي بعد تنظيفه من النفايات الصلبة.

ويتابع :"تركت ناقتي وابنها هناك، وتمكنا من إخراج بقية الماشية فهي مصدر نعتاش من تربيتها، ولا مكان لنا للتربية غير هذه المنطقة الملاصقة لمجرى الوادي".

ويقيم العشرات من مربي الماشية والجمال مع دوابهم بشكل ملاصق لمجرى الوادي ضمن عادة ونمط حياه ألفوه منذ عشرات السنين، ولا يستجيبوا لتحذيرات البلدية وفرق الطوارئ، ما يجعلهم دوما عرضة لخطر الفيضان.