مجلة بريطانية: الفلسطينيون عطشى بالرغم من أنهم يعيشون فوق محيط من المياه الجوفية

منذ 9 سنوات   شارك:

يحاول إياد قاسم إدارة مقهى من دون توفر مياه فيها. ويعمد إلى إعادة استخدام الأواني المتسخة لديه والتي سرعان ما تمتلئ بالقذارة شأنها شأن الأراجيل التي ينفث الفلسطينيون دخانها وهم يجلسون على رصيف دارة المقهى. وكانت لتكون مهمة صعبة لو جاء العديد من الزبائن: لكن يبدو أن أناسا لم يستحموا على مدار أسبوع، قد فقدوا الاهتمام في رشف الشاي في ظل درجة حرارة تصل إلى 35 درجة مئوية. ويقول قاسم "إن دارة المقهى فارغة لأن الجميع منزعجون من الوضع. وأصبحت عملية ممارسة نشاط تجاري شيئاً مستحيلاً".

وتجدر الإشارة إلى أن عشرات الآلاف من الفلسطينيين في بلدة سلفيت والقرى المحيطة فيها يعانون جراء جفاف طاول عدة أشهر. ولا تعد حالات نفص المياه في شهور الصيف شيئاً جديداً بالنسبة للتلال المسفوعة بأشعة الشمس خارج مدينة نابلس في شمالي الضفة الغربية. لكن هذا الموسم يعد على وجه الخصوص موسماً سيئاً. وتباطأ تدفق المياه من الصنابير وتراجع إلى حد التقطير تقطيراً عشية عيد الفطر المبارك هذا في الوقت الذي لا يتوقع فيه إلا القليلون غوثاً في إمدادات المياه قبل حلول فصل الشتاء.

وكان الإسرائيليون يشعرون، ذات مرة في السابق، بالتوجس، كما يجدر التنويه، حيال مستوى أضخم مستودع للمياه لديهم، بحيرة طبريا. وفيما كانت الايكونوميست تدفع للطباعة، كان مستوى المياه في البحيرة عند 11 مترا مكعباً فوق "الخط الأحمر" وهي النقطة التي توقف عندها إسرائيل ضخ المياه لتجنب حدوث أضرار بيئية. لكن لم يعد هذا الحال يسبب قلقاً عاماً لأن معظم مياه إسرائيل يتم الحصول عليها اصطناعياً. ويأتي حوالي ثلث المياه من خلال معامل تحلية مياه البحر والتي تعد من بين الأجود في العالم. إلى ذلك، يعتمد المزارعون على المياه المستصلحة لري مزروعاتهم. وتعيد إسرائيل تدوير 86 % من المياه العادمة، أعلى مستوى في العالم تليها أبانيا التي تعيد استخدام 20 % من المياه العادمة.

ولا يساعد أي من هذه الحلول فائقة التكنولوجيا في مساعدة الفلسطينيين مع ذلك لأنهم ليسوا مرتبطين مع شبكة المياه الإسرائيلية. وهم يعتمدون على ما يدعى "المكمن المائي" (طبقة صخرية غنية بالمياه) والتي توجد أسفل الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967. وكانت اتفاقات أوسلو نصت على ذهاب 80 في المائة من مياه المكمن المائي لإسرائيل وتخصيص النسبة المتبقية للفلسطينيين. وستم الاحتفال قريباً بالذكرى الحادية والعشرين لتوقيع الاتفاقيات التي كانت إجراءً مؤقتاً لمدة خمسة أعوام، كما تجدر الإشارة. وخلال ذلك الوقت تضاعف تقريباً عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية ووصل إلى 3 ملايين نسمة تقريباً. ولم يتم الالتزام بالتخصيص الذي نصت عليه الاتفاقات.

ومن جهة أخرى، تضاعف عدد المستوطنين أيضاً؛ حيث يعانون هم أيضاً من نقص المياه. وفي مستوطنة أرييل (19000 نسمة) والمجاورة لسلفيت مر إسكان بحالات نقص مياه عديدة وجيزة في هذا الشهر. كما أن المستوطنات الأصغر في المنطقة وغير المربوطة بشبكة المياه الإسرائيلية تعاملت مع حالات جفاف أطول. ومع ذلك عانى الفلسطينيون أكثر بكثير من نقص المياه. وفي المعدل يتلقى الفلسطينيون 73 ليتراً في اليوم؛ أي أقل من 100 ليتر في الحد الأدنى وفق توصية منظمة الصحة العالمية.

إلى ذلك، ينفق وليد حبيب 300 شيقل (75 دولاراً) كل أسبوع لتعبئة الخزانات على سطح منزله في سلفيت -مبلغ ضخم في الضفة الغربية حيث يبلغ المعدل الشهري للرواتب 500 دولار. وتنقل المياه التي تسحب من آبار كانت السلطة الفلسطينية حفرتها في كل صباح عبر الطريق الجبلي المتعرج. لكن الإمدادات من المياه محدودة ولا يتلقى السكان إمداداتهم الأسبوعية دائماً. ويقول حبيب "لدينا بحر أسفل منا في سلفيت لكننا لا تستطيع حتى الاستحمام". وأضاف "إنه لأمر محزن".

أسفل التلة ثمة شركة سيارات ولا توجد لدى العاملين في الشركة مياه لصنع شاي. وثمة مشكلة أكثر إلحاحاً في دورة المياه التابعة للمكتب- حمامات جافة. ويقول أحد سائقي سيارات التكسي مازحاً "لقد أنفقنا على الديتول هذا الصيف أكثر مما أنفقنا على البنزين".

وتعد الحالة أسوأ في غزة التي تعتمد كلية تقريباً على المكمن الساحلي الذي ينكمش بسرعة: وما يظل يعد ملوثاً بسبب سنوات من مياه عادمة غير معالجة وسبب سرقات زراعية. كما أن المياه التي تخرج من الصنابير في غزة غير صافية ومالحة. ويعتقد خبراء الأمم المتحدة أن المكمن المائي سيتدمر مع حلول العام 2020.

وتجدر الإشارة إلى أن سلطة المياه الإسرائيلية تبيع للفلسطينيين 64 مليون متر مكعب من المياه في كل عام. وهي تقول إنهم هم من يقف وراء حالات النقص في المياه لديهم لأن ما يصل إلى حوالي ثلث حجم إمدادات المياه التي تصلهم تتسرب من خلال الأنابيب الصدئة عندهم. ومن المفترض أن تتولى لجنة مياه مشتركة لدى الجانبين حل هذه المواضيع لكنها لم تلتئم منذ خمسة أعوام. وكما يحتمل التنبؤ به، فإن كل جانب يلقي باللوم على الجانب الآخر ويحمله مسؤولية الجمود. ومن جهتهم يجد الفلسطينيون أن حكومتهم مهملة: فالعاصمة الإدارية رام الله تزود بالمياه بشكل جيد لكن باقي الوطن يعاني من الظمأ. وفي الأثناء، يتفشى اللوم حتى وإن توفرت المياه. ويقول حبيب بينما كان يرتشف جرعة من الماء -المعبأ في عبوة بالطبع- "عندما لا يتوفر الماء لديك يتدمر كل شيء". 

 

المصدر: صحيفة الغد الأردنية 



السابق

باريس تحتضن يومًا ترفيهيًا لأبناء الأسرى الفلسطينيين

التالي

"الأورومتوسطي" يفتتح مدرسة صيفية حول حقوق الإنسان والنزاعات المسلّحة


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

محمود كلّم

غزة بين وصايتين: من كلوب باشا إلى توني بلير!

يقال إنّ التاريخ لا يُعيد نفسه، لكنّه في غزة لا يفعل سوى ذلك. يعود في صورٍ جديدة، بأسماء مختلفة، لكنه يظلّ يحمل ذات الوجع: رجلٌ غر… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    معايدة رمضانية 

تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

 رمضان كريم 
نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى.

كل عام وأنتم بخير 
    معايدة رمضانية  تتقدم شبكة العودة الإخبارية بأسمى آيات التهاني والتبريكات إلى أمتنا العربية والإسلامية، وخاصة شعبنا الفلسطيني العظيم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.  رمضان كريم  نسأل الله أن يعيده علينا بالخير واليُمن والبركات، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام، وأن يوفقنا جميعًا لما يحب ويرضى. كل عام وأنتم بخير