"أبناء غزّة" في انتخابات الأردن النيابيّة

منذ 8 سنوات   شارك:

تحتدم المنافسة في الانتخابات النيابية الأردنية دائماً بين المرشحين على استقطاب الفئات الاجتماعية والسياسية، التي تمتلك حقّ الاقتراع. لكن في الانتخابات المقررة غداً، الثلاثاء، في العشرين من سبتمبر/ أيلول الجاري، رفعت قوائم مرشّحة شعارات وقدّمت برامج انتخابية تدافع عن منح فئات اجتماعية غير أردنية لا يحقّ لها بحسب القانون المشاركة في الانتخابات لا ترشيحاً ولا اقتراعاً، حقوقاً مدنية تتساوى مع تلك التي يحصل عليها المواطنون الأردنيون.

التفت الدعاية الانتخابية لأوّل مرّة في تاريخ الانتخابات النيابية إلى قضية أبناء قطاع غزة، المقيمين في الأردن، والذين يعانون ظروفاً اجتماعية واقتصادية وسياسية قاهرة تحرمهم من أبسط حقوقهم الإنسانية في حياة لائقة. وقد أثارت هذه الالتفاتة جدالاً كبيراً نتيجة للحساسية المفرطة في تعامل السلطات الأردنية مع الغزيين، والضغوط التي تمارسها جماعات أردنية لمقاومة تحسين ظروف عيشهم كمقدّمة لتجنيسهم. وهي المقاومة التي تبرّرها بالحفاظ على هويتهم الوطنية الفلسطينية، ومن جهة أخرى بالحفاظ على التركيبة الديموغرافية للمجتمع الأردني.

وفقاً لإحصاءات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يعيش في الأردن نحو مليونَي و220 ألف لاجئ فلسطيني، من بينهم 158 ألفاً من أبناء قطاع غزة، غالبيتهم في مخيّم غزة (شمال الأردن). وفيما يتمتع اللاجئون الفلسطينيون بمواطنة أردنية كاملة تخوّلهم حقّ المشاركة في الانتخابات، يحرم "أبناء غزة" من أبسط حقوق المواطنة، وأحياناً يوضعون في مرتبة أدنى من تلك الخاصة بالعمالة المهاجرة، على الرغم من إقامتهم في الأردن بصفة دائمة منذ نكسة يونيو/ حزيران 1967. يُذكر أنّ القوانين الأردنية تفرض قيوداً على الغزيين، تصل إلى حدّ حرمانهم من الحق في التملك والعمل والعلاج والدراسة والانتساب إلى النقابات المهنية، الأمر الذي يؤدّي إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بينهم.

منذ سنوات، يتحرّك "أبناء غزة" للمطالبة بحقوق مدنية، لكنّها مطالبات تصطدم بالمواقف السياسية. وقبل أشهر، أطلقوا مبادرة وطنية لتحقيق مطالبهم في العيش بكرامة في الأردن، تحت عنوان "لجنة متابعة قضايا ومطالب أبناء قطاع غزة".

يقول أمين سر اللجنة، جميل أبو عسل: "نحن نعترف بأنفسنا أبناء للأردن، نعيش هنا منذ 50 عاماً، نتفاعل مع قضايا الأردن ونتأثر بها ونحرص على استقرار الأردن كأيّ مواطن أردني. نحن ننظر إلى أنفسنا أبناء وطن، ولدنا هنا وعشنا هنا وكثيرون ماتوا هنا". ويؤكد: "نريد حقوقاً مدنية حتى لا نورّث المأساة التي عشناها لأبنائنا".

وقد وضعت اللجنة 16 مطلباً من بينها السماح لأبناء غزة بتسجيل الأراضي بأسمائهم لغرض السكن، والسماح لهم بالحصول على رخص قيادة عمومية مؤقتة وتسجيل سيارات الديزل بأسمائهم. كذلك يطالبون بتمديد مدّة صلاحية جوازات السفر المؤقتة التي يحملونها إلى خمس سنين بدلاً عن سنتين، وتخفيض رسوم إصدار الجواز، ومنح جوازات سفر مؤقتة لحاملي وثائق السفر المصرية من أبناء قطاع غزة المقيمين في المملكة بعد مضي عشر سنوات على إقامتهم بشكل متواصل.

يُضاف إلى ذلك، السماح لهم بالعمل في مؤسسات الدولة، ولو بعقود سنوية، وإلغاء تصاريح العمل لأبناء القطاع، والسماح لهم بالدراسة في الجامعات الحكومية عبر التنافس، والسماح للأطباء والمهندسين والمحامين منهم بالحصول على شهادة مزاولة مهن.

ويرفض أبو العسل المبررات السياسية، التي تساق لحرمانهم من تلك الحقوق، خصوصاً تلك التي تتحدث عن رفض التجنيس والوطن البديل والحفاظ على الهوية الوطنية لأبناء قطاع غزة. فيقول: "نحن نعتز بهويتنا الفلسطينية ومتمسّكون بثوابت القضية الفلسطينية، خصوصاً تلك المتعلقة بحقّ العودة للاجئين. لكنّنا اليوم نحتاج إلى ما يسهّل حياتنا ويكفل لنا العيش الكريم خلال وجودنا في الأردن". ويدعو المسؤولين في الأردن إلى "نظرة إنسانية بعيدة عن التعقيدات السياسية تجاه قضية الغزيين".

في الانتخابات النيابية المتوقعة غداً، ترشّح أحد أبناء قطاع غزة بعدما حصل قبل سنوات على الجنسية الأردنية. من ضمن برنامج القائمة التي ترشّح عليها، المطالبة بالحقوق المدنية الكاملة لأبناء غزة، وهو البرنامج الذي أثار موجة من النقد من قبل جماعات أردنية رافضة الواقع القانوني للغزيين.

إلى ذلك، يخوض مرشحون آخرون الانتخابات على قوائم تعلن انحيازها إلى الدولة المدنية، التقطوا قضية أبناء قطاع غزة وضمنوها في برامجهم وشعاراتهم الانتخابية، بطريقة منحت زخماً غير معهود لقضيتهم. ويؤكد أبو العسل: "لا نريد أكثر من حقوق مدنية. لا نريد حقوقاً سياسية ولا تجنيساً مثلما تروّج جهات أردنية". ويشير إلى تشكيل لجنة متابعة لقضايا ومطالب أبناء قطاع غزّة. وقد نشطت منذ إعلان الانتخابات قبل نحو ثلاثة أشهر على التواصل مع المرشحين لعرض قضية أبناء غزة عليهم وحشد مناصرين تحت قبة البرلمان. يضيف أنّ "ثمّة استجابة من قبل عدد من المرشحين، لكنّها غير كبيرة". وتعوّل اللجنة على وصول مرشحين من المدافعين عن مطالبها إلى قبة البرلمان للمساهمة في تعديل القوانين بما يساهم في تحسين ظروف حياة الغزيين في الأردن.

ويلفت أبو العسل إلى أنّه "لن نكتفي بتواصلنا مع المرشحين. سوف نتواصل مع الذين يفوزون ويصلون إلى البرلمان، سواءً من المؤيدين لقضيتنا أو غيرهم. مطالبنا عادلة ولا تشكل تهديداً لأحد، لا نريد أكثر من حياة لائقة". 

 

المصدر: العربي الجديد 



السابق

لاعب فلسطيني يشارك بماراثوناتٍ دولية حاملاً علم فلسطين

التالي

إفتتاح معرض طوابع "فلسطين في عين العالم" في صيدا اللبنانية


أضف تعليق

قواعد المشاركة

 

تغريدة عارف حجاوي

twitter.com/aref_hijjawi/status/1144230309812215814 




تغريدة عبدالله الشايجي

twitter.com/docshayji/status/1140378429461807104




تغريدة آنيا الأفندي

twitter.com/Ania27El/status/1139814974052806657 




تغريدة إحسان الفقيه

twitter.com/EHSANFAKEEH/status/1116064323368046593




تغريدة ياسر الزعاترة

twitter.com/YZaatreh/status/1110080114400751616 




تغريدة إليسا

twitter.com/elissakh/status/1110110869982203905 





 

معركة الهوية الفلسطينية: جذور العائلات وصراع الرواية

منذ نكبة 1948، والصراع بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي يتجاوز الأرض ليشمل الهوية والتاريخ. في هذا السياق، تبرز معركة الهو… تتمة »


    ياسر علي

    مؤسسة "هوية".. نموذج فاعل في الحفاظ على الانتماء الفلسطيني

    ياسر علي

    جاء المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية-هوية في سياق اهتمام الشعب الفلسطيني وأبنائه ومؤسساته بالحفاظ على جذور ه وعاد… تتمة »


    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية..
صامدون - عاملون - عائدون
    تتقدم مؤسسة العودة الفلسطينية من عمال فلسطين بأطيب الأمنيات وأجلّ التحيات لما يقدمونه من جهد وعمل وتضحية.. صامدون - عاملون - عائدون