أكرم العلي..لحنٌ مقاوم رغم الإعاقة
تقرير: لميس ياسين/ شبكة العودة الإخبارية
من قرية المنصورة قضاء صفد في فلسطين إلى سوريا بدأت مأساة عائلة الفنان أكرم العلي بعد النكبة الفلسطينية عام 1948. ومن حيّ "السيدة زينب" في العاصمة السورية دمشق إلى أزقّة مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوب لبنان كانت المأساة الثانية..
كبُرت هذه المأساة بعد النزوح من سوريا نتيجة الأحداث التي اندلعت منذ 4 سنوات.. هي إن اختلفت المحطات تبقى معاناة أكرم العلي واحدة، ويبقى الوجع واحد، والنتيجة لاجئ!
ففي زواريب مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، وما يُعرف بحي السكة يقطن الفنان الفلسطينيّ الكفيف أكرم العلي. قد تكون تلك الأوضاع التي يعيش فيها العلي ليست مؤهلاً للإبداع، ولكنه رغم تلك الظروف ورغم كونه كفيفاً واصل مشواره في عالم الموسيقى والفن الوطني الهادف، الذي بات رسالةً يحملها معه في كلّ مكان، إذ يقول العلي «في الفن الوطني والفولوكلوري ننهض بقضيتنا الفلسطينية إلى المحافل الدولية، حتى نعرّف العالم على أنّها قضية محقّة، قضية وراؤها شعبٌ مناضل، قضية راقية بعيدة كلّ البعد عن الإرهاب». مضيفاً وفي عينيه بريق أمل «نحن نقاتل العدو بألحاننا المقاومة لا نأبه لأسلحتهم ولا دباباتهم، فتلك الألحان بمثابة سلاحٍ في وجه العدوّ المغتصب».
أكرم العلي فنانٌ فلسطينيّ متعدد المواهب بدءاً من العزف على آلة الكمان وآلة العود إلى التّلحين والغناء. ولد العلي فاقداً للبصر لكنّه ملك إحساساً مرهفاً تمكّن من خلاله أن يرى العالم بأكمله.
وكان أكرم أثناء وجوده في سورية عضواً في نقابة الفنانين السوريّين، وعمل في فرقة الإذاعة والتلفزيون، كما عمل في إذاعة القدس، وفرق فلسطينية أخرى في سورية كفرقة بيسان للفنون الشعبية وفرقة العاشقين. وهو الآن يعمل بفرقة حنين للأغنية الفلسطينية منذ عام 2013 العام الذي لجأ فيه الى لبنان.
لم يشهد العلي نكبة أجداده قبل سبعة وستين عاماً، بل كان يسمع عنها في كتب التاريخ وفي حكايات آبائه وأجداده. لكنّه شهد نكبة شعبه في سوريا، حيث عايش مرارة اللّجوء للمرة الثّانية فكانت دافعاً لإيصال صوته إلى العالم أنّ الشعب الفلسطينيّ صامدٌ لا يستسلم، وسيستمرّ في نضاله في كافة الوسائل الممكنة.. وسيستمرّ في حلمه رغم مخطّطات التهجير الظّالمة، فالأحلام لا تدمرها مدافع ولا يدمّرها ألمٌ ولا لجوء، بل تكبر في الإنسان بكبر حجم الألم. ويقول العلي «لا أزال متمسّكاً بحلمي أملاً بالسفر إلى الخارج لتحقيق المزيد من النجاح، ورفع صوت اللاجئ في أنحاء العالم».
العديد من الحفلات الوطنية التي شارك فيها العلي شهدت عذوبة ألحانه وروعتها، وكان لابنته نصيبٌ من المشاركة في بعضها. ويقول العلي في ذلك «المرة الأولى التي سنحت لي الفرصة أنا وابنتي المشاركة في الغناء كانت خلال حفلة للمهجرين الفلسطنيين من سوريا على مسرح مركز معروف سعد الثقافي في صيدا، وقد لاقت إعجاب الحضور فشعرت في الأمل يتجدّد داخلي»...
إنه الفن.. إنه تلك الحياة التي لا يمكن اجتزاؤها من حياة أكرم العلي، ففي كل مهرجان أو معرض يترك لحنه بصمة في أذهان المشاركين. حيث أحيا مؤخّراً بصوته وعوده الرنان النشاط الافتتاحي للحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية "إنتماء" إحياءً للذكرى 67 للنكبة حيث يشارك فيها للعام الثاني على التوالي. فذلك الصوت واللحن المفعم بالثورة والحنين والتحدي والأمل رغم الإعاقة، هو نابعٌ من قلب أضناه البعد عن الوطن وألم اللجوء.